التاء وكسر اللام على الفعل المجهول. ﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾ وهو الإسلام ؛ كما قال تعالى :﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً﴾ [المائدة : ٣] وقد تقدم. وروي سليم بن عامر عن المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"ما على ظهر الأرض بيت حجر ولا مدر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل أما بعزهم فيجعلهم من أهلها وأما بذلهم فيدينون بها". ذكره الماوردي حجة لمن قال : إن المراد بالأرض بلاد العرب والعجم ؛ وهو القول الثاني : على ما تقدم آنفا. ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ﴾ قرأ ابن محيصن وابن كثير ويعقوب وأبو بكر بالتخفيف ؛ من أبدل، وهي قراءة الحسن، واختيار أبي حاتم. الباقون بالتشديد ؛ من بدل، وهي اختيار أبي عبيد ؛ لأنها أكثر ما في القرآن، قال الله تعالى :﴿لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ﴾ [يونس : ٦٤]. وقال :﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً﴾ [النحل : ١٠١] ونحوه، وهما لغتان. قال النحاس : وحكى محمد بن الجهم عن الفراء قال : قرأ عاصم والأعمش ﴿وليبدّلنّهم﴾ مشددة، وهذا غلط على عاصم ؛ وقد ذكر بعده غلطا أشد منه، وهو أنه حكى عن سائر الناس التخفيف. قال النحاس : وزعم أحمد بن يحيى أن بين التثقيل والتخفيف فرقا، وأنه يقال : بدلته أي غيرته، وأبدلته أزلته وجعلت غيره. قال النحاس : وهذا القول صحيح ؛ كما تقول : أبدل لي هذا الدرهم، أي أزله وأعطني غيره. وتقول : قد بدلت بعدنا، أي غيرت ؛ غير أنه قد يستعمل أحدهما موضع الآخر ؛ والذي ذكره أكثر. وقد مضى هذا في "النساء" والحمد لله، وذكرنا في سورة "إبراهيم" الدليل من السنة على أن بدل معناه إزالة العين ؛ فتأمله هناك. وقرئ ﴿عسَىَ رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا﴾ [القلم : ٣٢] مخففا ومثقلا. ﴿يَعْبُدُونَنِي﴾ هو في موضع الحال ؛ أي في حال عبادتهم الله بالإخلاص. ويجوز أن يكون استئنافا على طريق الثناء عليهم. ﴿لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ فيه أربعة أقوال : أحدها، لا يعبدون إلها غيري ؛ حكاه النقاش. الثاني، لا يراؤون بعبادتي أحدا. الثالث، لا يخافون غيري ؛ قاله ابن عباس. الرابع، لا يحبون غيري ؛ قال مجاهد. ﴿وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أي بهذه النعم. والمراد كفران النعمة ؛ لأنه قال تعالى :﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ والكافر بالله فاسق بعد هذا الإنعام وقبله.