وكيع عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن الشعبي ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ قال : ليست بمنسوخة. قلت : إن الناس لا يعملون بها ؛ قال : الله عز وجل المستعان.
الثالثة : قال بعض أهل العلم : إن الاستئذان ثلاثا مأخوذ من قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ﴾ قال يزيد : ثلاث دفعات. قال : فورد القرآن في المماليك والصبيان، وسنة رسول الله ﷺ في الجميع. قال ابن عبد البر : ما قاله من هذا وإن كان له وجه فإنه غير معروف عن العلماء في تفسير الآية التي نزع بها، والذي عليه جمهورهم في قوله :﴿ثَلاثَ مَرَّاتٍ﴾ أي في ثلاث أوقات. ويدل على صحة هذا القول ذكره فيها ﴿مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ﴾.
الرابعة : أدب الله عز وجل عباده في هذه الآية بأن يكون العبيد إذ لا بال لهم، والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم إلا أنهم عقلوا معاني الكشفة ونحوها، يستأذنون على أهليهم في هذه الأوقات الثلاثة، وهي الأوقات التي تقتضي عادة الناس الانكشاف فيها وملازمة التعري. فما قبل الفجر وقت انتهاء النوم ووقت الخروج من ثياب النوم ولبس ثياب النهار. ووقت القائلة وقت التجرد أيضا وهي الظهيرة، لأن النهار يظهر فيها إذا علا شعاعه واشتد حره. وبعد صلاة العشاء وقت التعري للنوم ؛ فالتكشف غالب في هذه الأوقات. يروي أن رسول الله ﷺ بعث غلاما من الأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب ظهيرة ليدعوه، فوجده نائما قد أغلق عليه الباب، فدق عليه الغلام الباب فناداه، ودخل، فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء، فقال عمر : وددت أن الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذن ؛ ثم انطلق إلى رسول الله ﷺ فوجد هذه الآية قد أنزلت، فخر ساجدا شكرا لله. وهي مكية.


الصفحة التالية
Icon