فيه خمس مسائل :-
الأولى : قوله تعالى :﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ القواعد واحدتها قاعد، بلا هاء ؛ ليدل حذفها على أنه قعود الكبر، كما قالوا : امرأة حامل ؛ ليدل بحذف الهاء أنه حمل حبل. قال الشاعر :
فلو أن ما في بطنه بين نسوة | حبلن وإن كن القواعد عقرا |
الثانية : القواعد : العجز اللواتي قعدن عن التصرف من السن، وقعدن عن الولد والمحيض ؛ هذا قول أكثر العلماء. قال ربيعة : هي التي إذا رأيتها تستقذرها من كبرها. وقال أبو عبيدة : اللاتي قعدن عن الولد ؛ وليس ذلك بمستقيم، لأن المرأة تقعد عن الولد وفيها مستمتع، قاله المهدوي.
الثالثة : قوله تعالى :﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ إنما خص القواعد بذلك لانصراف الأنفس عنهن ؛ إذ لا يذهب للرجال فيهن، فأبيح لهن ما لم يبح لغيرهن، وأزيل عنهم كلفة التحفظ المتعب لهن.
الرابعة : قرأ ابن مسعود وأبي وابن عباس ﴿أَنْ يَضَعْنَ مِنْ ثِيَابِهِنّ﴾ بزيادة ﴿مِنْ﴾ قال ابن عباس : وهو الجلباب. وروي عن ابن مسعود أيضا ﴿مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ والعرب تقول : امرأة واضع، للتي كبرت فوضعت خمارها. وقال قوم : الكبيرة التي أيست من النكاح، لو بدا شعرها فلا بأس ؛ فعلى هذا يجوز لها وضع الخمار. والصحيح أنها كالشابة في التستر ؛ إلا أن الكبيرة تضع الجلباب الذي يكون فوق الدرع والخمار، قاله ابن مسعود وابن جبير وغيرهما.
الخامسة : قوله تعالى :﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ أي غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة لينظر إليهن ؛ فإن ذلك من أقبح الأشياء وأبعده عن الحق. والتبرج : التكشف والظهور للعيون ؛ ومنه : بروج مشيدة. وبروج السماء والأسوار ؛ أي لا حائل دونها يسترها.