الرابعة : قوله تعالى :﴿أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ﴾ قال بعض العلماء : هذا إذا أذنوا له في ذلك. وقال آخرون : أذنوا له أو لم يأذنوا فله أن يأكل ؛ لأن القرابة التي بينهم هي إذن منهم. وذلك لأن في تلك القرابة عطفا تسمح النفوس منهم بذلك العطف أن يأكل هذا من شيئهم ويسروا بذلك إذا علموا. ابن العربي : أباح لنا الأكل من جهة النسب من غير استئذان إذا كان الطعام مبذولا، فإذا كان محرزا دونهم لم يكن لهم أخذه، ولا يجوز أن يجاوزوا إلى الادخار، ولا إلى ما ليس بمأكول وإن غير محرز عنهم إلا بإذن منهم.
الخامسة : قوله تعالى :﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ يعني مما اختزنتم وصار في قبضتكم. وعظم ذلك ما ملكه الرجل في بيته وتحت غلقه ؛ وذلك هو تأويل الضحاك وقتادة ومجاهد. وعند جمهور المفسرين يدخل في الآية الوكلاء والعبيد والأجراء. قال ابن عباس : عني وكيل الرجل على ضيعته، وخازنه على ماله ؛ فيجوز له أن يأكل مما قيم عليه. وذكر معمر عن قتادة عن عكرمة قال : إذا ملك الرجل المفتاح فهو خازن، فلا بأس أن يطعم الشيء اليسير. ابن العربي : وللخازن أن يأكل مما يخزن إجماعا ؛ وهذا إذا لم تكن له أجرة، فأما إذا كانت له أجرة على الخزن حرم عليه الأكل. وقرأ سعيد بن جبير ﴿مُلِّكْتم﴾ بضم الميم وكسر اللام وشدها. وقرأ أيضا ﴿مفاتيحه﴾ بياء بين التاء والحاء، جمع مفتاح ؛ وقد مضى في "الأنعام". وقرأ قتادة ﴿مفتاحه﴾ على الإفراد. وقال ابن عباس : نزلت هذه الآية في الحارث بن عمرو، خرج مع رسول الله ﷺ غازيا وخلف مالك بن زيد على أهله، فلما رجع وجده مجهودا فسأله عن حاله فقال : تحرجت أن آكل من طعامك بغير إذنك ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
السادسة : قوله تعالى :﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾ الصديق بمعنى الجمع، وكذلك العدو ؛ قال الله تعالى :﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي﴾ [الشعراء : ٧٧]. وقال جرير :
دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا | بأسهم أعداء وهن صديق |