ألا تسمع إلى قول أهل النار :﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ الزمخشري : وجمع الشافع لكثرة الشافعين ووحد الصديق لقتله ؛ ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم مضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته ؛ رحمة له وحسبة وإن لمم تسبق له بأكثرهم معرفة ؛ وأما الصديق فهو الصادق في ودادك الذي يهمه ما يهمك فأعز من بيض الأنوق ؛ وعن بعض الحكماء أنه سئل عن الصديق فقال : اسم لا معنى له. ويجوز أن يريد بالصديق الجمع والحميم القريب والخاص ؛ ومنه حامة الرجل أي أقرباؤه. وأصل هذا من الحميم وهو الماء الحار ؛ ومنه الحمام والحمى ؛ فحامة الرجل الذين يحرقهم ما أحرقه ؛ يقال : وهم حزانته أي يحزنهم ما يحزنه. ويقال : حم الشيء وأحم إذا قرب، ومنه الحمى ؛ لأنها تقرب من الأجل. وقال علي بن عيسى : إنما سمي القريب حميما ؛ لأنه يحمي لغضب صاحبه، فجعله مأخوذا من الحمية. وقال قتادة : يذهب الله عز وجل يوم القيامة مودة الصديق ورقة الحميم. ويجوز :"ولا صديق حميم" بالرفع على موضع ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾ ؛ لأن ﴿مِنْ شَافِعِينَ﴾ في موضع رفع. وجمع صديق أصدقاء وصدقاء وصداق. ولا يقال صدق للفرق بين النعت وغيره. وحكى الكوفيون : أنه يقال في جمعه صدقان. النحاس : وهذا بعيد ؛ لأن هذا جمع ما ليس بنعت نحو رغيف ورغفان. وحكموا أيضا صديق وأصادق. وأفاعل إنما هو جمع أفعل إذا لم يكن نعتا نحو أشجع وأشاجع. ويقال : صديق للواحد والجماعة وللمرأة ؛ قال الشاعر :
نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا | بأعين أعداء وهن صديق |