يسألونهم عن محمد عليه السلام، فقالوا : إن هذا لزمانه، وإنا لنجد في التوراة نعته وصفته. فيرجع لفظ العلماء إلى كل من كان له علم بكتبهم أسلم أو لم يسلم على هذ القول. وإنما صارت شهادة أهل الكتاب حجة على المشركين ؛ لأنهم كانوا يرجعون في أشياء من أمور الدين إلى أهل الكتاب ؛ لأنهم مظنون بهم علم. وقرأ ابن عامر :﴿أَوَلَمْ تكُنْ لَهُمْ آيَةً﴾. الباقون ﴿أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً﴾ بالنصب على الخبر واسم يكن ﴿أَنْ يَعْلَمَهُ﴾ والتقدير أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل الذين أسلموا آية واضحة. وعلى القراءة الأولى اسم كان ﴿آيَةً﴾ والخبر ﴿أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ﴾. وقرأ عاصم الجحدري :﴿أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ﴾. ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ﴾ أي على رجل ليس بعربي اللسان ﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ﴾ بغير لغة العرب لما أمنوا ولقالوا لا نفقه. نظيره :﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً﴾ [فصلت : ٤٤] الآية. وقيل : معناه ولو نزلناه على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة وكبرا. يقال : رجل أعجم وأعجمي إذا كان غير فصيح وإن كان عربيا، ورجل عجمي وإن كان فصيحا ينسب إلى أصله ؛ إلا أن الفراء أجاز أن يقال رجل عجمي بمعنى أعجمي. وقرأ الحسن ﴿عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِيَّينَ﴾ مشددة بياءين جعله نسبة. ومن قرأ :﴿الأَعْجَمِينَ﴾ فقيل : إنه جمع أعجم. وفيه بعد ؛ لأن ما كان من الصفات الذي مؤنثه فعلاء لا يجمع بالواو والنون، ولا بالألف والتاء ؛ لا يقال أحمرون ولا حمراوات. وقيل : إن أصله الأعجمين كقراءة الجحدوي ثم حذفت ياء النسب، وجعل جمعه بالياء والنون دليلا عليها. قاله أبو الفتح عثمان بن جني. وهو مذهب سيبويه.
قوله تعالى :﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ﴾ يعني القرآن أي الكفر به ﴿فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ وقيل : سلكنا التكذيب في قلوبهم ؛ فذلك الذي منعهم من الإيمان، قاله يحيى بن سلام وقال عكرمة : القسوة. والمعنى متقارب وقد مضى في ﴿الحجر﴾ وأجاز الفراء الجزم في ﴿لا يُؤْمِنُونَ﴾ ؛ لأن فيه معنى الشرط والمجازاة. وزعم أن من شأن العرب إذا وضعت لا موضع كي لا في مثل هذا ربما جزمت ما بعدها وربما رفعت ؛ فتقول : ربطت