في تسبيح الجماد في ﴿الإسراء﴾ وإنه تسبيح لسان ومقال لا تسبيح دلالة حال. والحمد لله.
الخامسة- قوله تعالى :﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا﴾ وقرأ ابن السميقع :﴿ضَاحِكاً﴾ بغير ألف، وهو منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل عليه تبسم، كأنه قال ضحك ضحكا، هذا مذهب سيبويه. وهو عند غير سيبويه منصوب بنفس ﴿تَبَسَّمَ﴾ لأنه في معنى ضحك ؛ ومن قرأ :﴿ضَاحِكاً﴾ فهو منصوب على الحال من الضمير في ﴿تَبَسَّمَ﴾. والمعنى تبسم مقدار الضحك ؛ لأن الضحك يستغرق التبسم، والتبسم دون الضحك وهو أوله. يقال : بسم :"بالفتح" يبسم بسما فهو باسم وابتسم وتبسم، والمبسم الثغر مثل المجلس من جلس يجلس ورجل مبسام وبسام كثير التبسم، فالتبسم ابتداء الضحك. والضحك عبارة عن الابتداء والانتهاء، إلا أن الضحك يقتضي مزيدا على التبسم، فإذا زاد ولم يضبط الإنسان نفسه قيل قهقه. والتبسم ضحك الأنبياء عليهم السلام في غالب أمرهم. وفي الصحيح عن جابر بن سمرة وقيل له : أكنت تجالس النبي ﷺ ؛ قال : نعم كثيرا ؛ كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح - أو الغداة - حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. وفيه عن سعد قال : كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين، فقال له النبي ﷺ :"ارم فداك أبي وأمي" قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته، فضحك رسول الله ﷺ حتى نظرت إلى نواجذه. فكان عليه السلام في أكثر أحواله يتبسم. وكان أيضا يضحك في أحوال أخر ضحكا أعلى من التبسم وأقل من الاستغراق الذي تبدو فيه اللهوات. وكان في النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتى بدت نواجذه. ود كره العلماء منه الكثرة ؛ كما قال لقمان لابنه : يا بني إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب. وقد روي مرفوعا من


الصفحة التالية
Icon