كلام الشيخين في هذه المسألة بشيء ؛ فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس، ولا تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير ؛ لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها، لأن كانت بَرْزَة لم يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم، وتكون مناظرة لهم ؛ ولن يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده.
الحادية عشرة- قوله تعالى :﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مبالغة ؛ أي مما تحتاجه المملكة. وقيل : المعنى أوتيت من كل شيء في زمانها شيئا فحذف المفعول ؛ لأن الكلام دل عليه. ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ أي سرير ؛ ووصفه بالعظم في الهيئة ورتبة السلطان. قيل : كان من ذهب تجلس عليه. وقيل : العرش هنا الملك ؛ والأول أصح ؛ لقوله تعالى :﴿أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا﴾ [النمل : ٣٨]. الزمخشري : فإن قلت كيف سوى الهدهد بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف بالعظيم ؟
قلت : بين الوصفين بون عظيم ؛ لأن وصف عرشها بالعظيم تعظيم له بالإضافة إلى عروش أبناء جنسها من الملوك، ووصف عرش الله بالعظيم تعظيم له بالنسبة إلى ما خلق من السماوات والأرض. قال ابن عباس : كان طول عرشها ثمانين ذراعا، وعرضه أربعين ذراعا، وارتفاعه في السماء ثلاثين ذراعا، مكلل بالدر والياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر. قتادة : وقوائمه لؤلؤ وجوهر، وكان مسترا بالديباج والحرير، عليه سبعة مغاليق. مقاتل : كان ثمانين ذراعا في ثمانين ذراعا، وارتفاعه من الأرض ثمانون ذراعا، وهو مكلل بالجواهر. ابن إسحاق : وكان يخدمها النساء، وكان معها لخدمتها ستمائة امرأة. قال ابن عطية : واللازم من الآية أنها امرأة ملكت على مدائن اليمن، ذات ملك عظيم، وسرير عظيم، وكانت كافرة من قوم كفار.
الثانية عشرة- قوله تعالى :﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ قيل : كانت هذه الأمة ممن يعبد الشمس ؛ لأنهم كانوا زنادقة فيما يروى. وقيل : كانوا مجوسا يعبدون الأنوار. وروي عن نافع أن الوقف على ﴿عرش﴾. قال الهدوي :