فتوضع على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من خلفه وهو يقول واثبوراه". وانتصب على المصدر، أي ثبرنا ثبورا ؛ قاله الزجاج. وقال غيره : هو مفعول به.
قوله تعالى :﴿لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً﴾ فإن هلاككم أكثر من أن تدعوا مرة واحدة. وقال : ثبورا لأنه مصدر يقع للقليل والكثير فلذلك لم يجمع ؛ وهو كقولك : ضربته ضربا كثيرا، وقعد قعودا طويلا. ونزلت الآيات في ابن خطل وأصحابه.
الآية :[١٥] ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً﴾
الآية :[١٦] ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً﴾.
قوله تعالى :﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ إن قيل : كيف قال ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ﴾ ولا خير في النار ؛ فالجواب أن سيبويه حكى عن العرب : الشقاء أحب إليك أم السعادة، وقد علم أن السعادة أحب إليه. وقيل : ليس هو من باب أفعل منك، وإنما هو كقولك : عنده خير. قال النحاس : وهذا قول حسن ؛ كما قال :
فشركما لخير... كما الفداء
قيل : إنما قال ذلك لأن الجنة والنار قد دخلتا في باب المنازل ؛ فقال ذلك لتفاوت ما بين المنزلتين. وقيل : هو مردود على قوله :﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ﴾ الآية. وقيل : هو مردود على قوله :﴿وْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ [الفرقان : ٨]. وقيل : إنما قال ذلك على معنى علمكم واعتقادكم أيها الكفار ؛ وذلك أنهم لما كانوا يعملون عمل أهل النار صاروا كأنهم يقولون إن في النار خيرا.
قوله تعالى :﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾ أي من النعيم. ﴿خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً﴾
قال الكلبي : وعد الله المؤمنين الجنة جزاء على أعمالهم، فسألوه ذلك الوعد فقالوا :﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ [آل عمران : ١٩٤]. وهو معنى قول ابن عباس. وقيل : إن الملائكة تسأل لهم