معيشة منزله، وتصدق على الفقراء والمساكين، وكان ينفق ثلث المال في مصالح المسلمين، وهو أول من اتخذ الدروع وصنعها وكانت قبل ذلك صفائح. ويقال : إنه كان يبيع كل درع منها بأربعة آلاف. والدرع مؤنثة إذا كانت للحرب. ودرع المرأة مذكر.
مسألة- في هذه الآية دليل على تعلم أهل الفضل الصنائع، وأن التحرف بها لا ينقص من مناصبهم، بل ذلك زيادة في فضلهم وفضائلهم ؛ إذ يحصل لهم التواضع في أنفسهم والاستغناء عن غيرهم، وكسب الحلال الخلي عن الامتنان. وفي الصحيح عن النبي ﷺ قال :"إن خير ما أكل المرء من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده". وقد مضى هذا في ﴿الأنبياء﴾ مجودا والحمد لله.
الآية :[١١] ﴿ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾
قوله تعالى :﴿ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ ﴾ أي دروعا سابغات، أي كوامل تامات واسعات ؛ يقال : سبغ الدرع والثوب وغيرهما إذا غطى كل ما هو عليه وفضل منه. ﴿ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ﴾ قال قتادة : كانت الدروع قبله صفائح فكانت ثقالا ؛ فلذلك أمر هو بالتقدير فيما يجمع من الخفة والحصانة. أي قدر ما تأخذ من هذين المعنيين بقسطه. أي لا تقصد الحصانة فتثقل، ولا الخفة فتزيل المنعة. وقال ابن زيد : التقدير الذي أمر به هو في قدر الحلقة، أي لا تعملها صغيرة فتضعف فلا تقوى الدروع على الدفاع، ولا تعملها كبيرة فينال لابسها. وقال ابن عباس : التقدير الذي أمر به هو في المسار، أي لا تجعل مسمار الدرع رقيقا فيقلق، ولا غليظا فيفصم الحلق. روي ﴿يقصم﴾ بالقاف، والفاء أيضا رواية. ﴿ فِي السَّرْدِ ﴾ السرد نسج حلق الدروع، ومنه قيل لصانع حلق الدروع : السراد والزراد، تبدل من السين الزاي، كما قيل : سراط وزراط. والسرد : الخرز، يقال : سرد يسرد إذا خرز. والمسرد : الإشفى، ويقال سراد ؛ قال الشماخ :