قوله تعالى :﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ يجوز في ﴿فاطر﴾ ثلاثة أوجه : الخفض على النعت، والرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على المدح. وحكى سيبويه : الحمد لله أهل الحمد مثله وكذا ﴿ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ ﴾. والفاطر : الخالق. وقد مضى في ﴿يوسف﴾ وغيرها. والفطر. الشق عن الشيء ؛ يقال : فطرته فانفطر. ومنه : فطر ناب البعير طلع، فهو بعير فاطر. وتفطر الشيء تشقق. وسيف فطار، أي فيه تشقق. قال عنترة :
وسيفي كالعقيقة فهو كمعي | سلاحي لا أفل ولا فطارا |
والفطر : الابتداء والاختراع. قال ابن عباس : كنت لا أدري ما
﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بر، فقال أحدهما : أنا فطرتها، أي أنا ابتدأتها. والفطر. حلب الناقة بالسبابة والإبهام. والمراد بذكر السموات والأرض العالم كله، ونبه بهذا على أن من قدر على الابتداء قادر على الإعادة.
﴿ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ ﴾ لا يجوز فيه التنوين، لأنه لما مضى.
﴿ رُسُلاً ﴾ مفعول ثان، ويقال على إضمار فعل ؛ لأن
﴿فاعلا﴾ إذا كان لما مضى لم يعمل فيه شيئا، وإعمال على أنه مستقبل حذف التوين منه تخفيفا. وقرأ الضحاك
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ على الفصل الماضي.
﴿ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ﴾ الرسل منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، صلى الله عليهم أجمعين. وقرأ الحسن :
﴿جَاعلُ الملائكة﴾ بالرفع. وقرأ خليد بن نشيط
﴿جعل الملائكة﴾ وكله ظاهر.
﴿ أُولِي أَجْنِحَةٍ ﴾ نعت، أي أصحاب أجنحة.
﴿ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ﴾ أي اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة. قال قتادة : بعضهم له جناحان، وبعضهم ثلاثة، وبعضهم أربعة ؛ ينزلون بهما من السماء إلى الأرض، ويعرجون من الأرض إلى السماء، وهي مسيرة كذا في وقت واحد، أي جعلهم رسلا. قال يحيى بن سلام : إلى الأنبياء. وقال السدي : إلى العباد برحمة أو نقمة. وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن النبي ﷺ رأى جبريل عليه