الآية :[٢] ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
قوله تعالى :﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا ﴾ وأجاز النحويون في غير القرآن ﴿ فَلا مُمْسِكَ ﴾ على لفظ ﴿ما﴾ و﴿لها﴾ على المعنى. وأجازوا ﴿ وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَها ﴾ وأجازوا ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ﴾ "بالرفع" تكون ﴿ما﴾ بمعنى الذي. أي إن الرسل بعثوا رحمة للناس فلا يقدر على إرسالهم غير الله. وقيل : ما يأتيهم به الله من مطر أو رزق فلا يقدر أحد أن يمسكه، وما يمسك من ذلك فلا يقدر أحد على أن يرسله. وقيل : هو الدعاء : قاله الضحاك. ابن عباس : من توبة. وقيل : من توفيق وهداية.
قلت : ولفظ الرحمة يجمع ذلك إذ هي منكرة للإشاعة والإبهام، فهي متناولة لكل رحمة على البدل، فهو عام في جميع ما ذكر. وفي موطأ مالك : أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول إذا أصبح وقد مطر الناس : مطرنا بنوء الفتح، ثم يتلو هذه الآية ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا ﴾. ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ تقدم.
الآية :[٣] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾
قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ معنى هذا الذكر الشكر. ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾ يجوز في ﴿ غَيْرُ ﴾ الرفع والنصب والخفض، فالرفع من وجهين : أحدهما : بمعنى هل من خالق إلا الله ؛ بمعنى ما خالق إلا الله. والوجه الثاني : أن يكون نعتا على الموضع ؛ لأن المعنى : هل خاق غير الله، و﴿من﴾ زائدة. والنصب على الاستثناء.