يا مفتر، أتق الله ولا تسب الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر. وقال ابن السماك : يا عجبا لمن عصى المحسن بعد معرفته بإحسانه! وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته! وقد مضى هذا المعنى في ﴿البقرة﴾ مجودا. و ﴿عدُوّ﴾ في قوله :﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾ يجوز أن يكون بمعنى معاد، فيثنى ويجمع ويؤنث. ويكون بمعنى النسب فيكون موحدا بكل حال ؛ كما قال جل وعز :﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي ﴾ وفي المؤنث على هذا أيضا عدو. النحاس : فأما قول بعض النحويين إن الواو خفية فجاؤوا بالهاء فخطأ، بل الواو حرف جلد. ﴿ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ ﴾ كفت ﴿ما﴾ ﴿إن﴾ عن العمل فوقع بعدها الفعل. ﴿حزبه﴾ أي أشياعه. ﴿ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ فهذه عداوته. ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ يكون ﴿ الَّذِينَ ﴾ بدلا ﴿ مِنْ أَصْحَابِ ﴾ فيكون في موضع خفض، أو يكون بدلا من ﴿ حِزْبَهُ ﴾ فيكون في موضع نصب، أو يكون بدلا من الواو فكون في موضع رفع وقول رابع وهو أحسنها يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون خبره ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ ؛ وكأنه. سبحانه بين حال موافقته ومخالفته، ويكون الكلام قد تم في قوله :﴿ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ ثم ابتدأ فقال ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾. ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ في موضع رفع بالابتداء أيضا، وخبره ﴿ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ﴾ أي لذنوبهم. ﴿ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ وهو الجنة.
الآية :[٨] ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾
قوله تعالى :﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ ﴿مَنْ﴾ في موضع رفع بالابتداء، وخبره محذوف. قال الكسائي : والذي يدل عليه قوله تعالى :﴿ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ فالمعنى : أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ذهبت نفسك عليهم حسرات. قال : وهذا كلام