الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً } :"من أراد عز الدارين فليطع العزيز. وهذا معنى قول الزجاج. ولقد أحسن من قال :
وإذا تذللت الرقاب تواضعا
منا إليك فعزها في ذلها
فمن كان يريد العزة لينال الفوز الأكبر، ويدخل دار العزة ولله العزة فليقصد بالعزة الله سبحانه والاعتزاز به ؛ فإنه من اعتز بالعبد أذل الله، ومن اعتز بالله أعزه الله.
قوله تعالى :﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ وتم الكلام. ثم تبتدئ ﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ على معنى : يرفعه الله، أو يرفع صاحبه. ويجوز أن يكون المعنى : والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب ؛ فيكون الكلام متصلا على ما يأتي بيانه. والصعود هو الحركة إلى فوق، وهو العروج أيضا. ولا يتصور ذلك في الكلام لأنه عرض، لكن ضرب صعوده مثلا لقبوله ؛ لأن موضع الثواب فوق، وموضع العذاب أسفل. وقال الزجاج : يقال ارتفع الأمر إلى القاضي أي علمه ؛ فهو بمعنى العلم. وخص الكلام والطب بالذكر لبيان الثواب عليه. وقوله ﴿ إِلَيْهِ ﴾ أي إلى الله يصعد. وقيل : يصعد إلى سمائه والمحل الذي لا يجري فيه لأحد غيره حكم. وقيل : أي يحمل الكتاب الذي كتب فيه طاعات العبد إلى السماء. و ﴿ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ هو التوحيد الصادر عن عقيدة طيبة. وقيل : هو التحميد والتمجيد، وذكر الله ونحوه. وأنشدوا :
لا ترض من رجل حلاوة قوله
حتى يزين ما يقول فعال
فإذا وزنت فعاله بمقاله
فتوازنا فإخاء ذاك جمال
وقال ابن المقفع : قول بلا عمل، كثريد بلا دسم، وسحاب بلا مطر، وقوس بلا وتر. وفيه قيل :