تقدم الكلام فيه، وهو مقطوع مما قبله. والأصل ﴿تَوزَر﴾ حذفت الواو اتباعا ليزر. ﴿وازِرةٌ﴾ نعت لمحذوف، أي نفس وازرة. وكذا ﴿ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا ﴾ قال الفراء : أي نفس مثقلة أو دابة. قال : وهذا يقع للمذكر والمؤنث. قال الأخفش : أي وإن تدع مثقلة إنسانا إلى حملها وهو ذنوبها. والحمل ما كان على الظهر، والحمل حمل المرأة وحمل النخلة ؛ حكاهما الكسائي بالفتح لا غير. وحكى ابن السكيت أن حمل النخلة يفتح ويكسر. ﴿ لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ التقدير على قول الأخفش : ولو كان الإنسان المدعو ذا قربى. وأجاز الفراء ولو كان ذو قربى. وهذا جائز عند سيبويه، ومثله ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ ﴾ فتكون ﴿ كان ﴾ بمعنى وقع، أو يكون الخبر محذوفا ؛ أي وإن كان فيمن تطالبون ذو عسرة. وحكى سيبويه : الناس مجزيون بأعمالهم إن خير فخير ؛ على هذا. وخيرا فخير ؛ على الأول. وروي عن عكرمة أنه قال : بلغني أن اليهودي والنصراني يرى الرجل المسلم يوم القيامة فيقول له : ألم أكن قد أسديت إليك يدا، ألم أكن قد أحسنت إليك ؟ فيقول بلى. فيقول : أنفعني ؛ فلا يزال المسلم يسأل الله تعالى حتى ينقص، من عذابه. وأن الرجل ليأتي إلى أبيه يوم القيامة فيقول : ألم أكن بك بارا، وعليك مشفقا، وإليك محسنا، وأنت ترى ما أنا فيه، فهب لي حسنة من حسناتك، أو احمل عني سيئة ؛ فيقول : إن الذي سألتني يسير ؛ ولكني أخاف مثل ما تخاف. وأن الأب ليقول لابنه مثل ذلك فيرد عليه نحوا من هذا. وأن الرجل ليقول لزوجته : ألم أكن أحسن العشرة لك، فاحملي عني خطيئة لعلي أنجو ؛ فتقول : إن ذلك ليسير ولكني أخاف مما تخاف منه. ثم تلا عكرمة :﴿ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾. وقال الفضيل بن عياض : هي المرأة تلقى ولدها فتقول : يا ولدي، ألم يكن بطني لك وعاء، ألم يكن ثديي لك سقاء، ألم يكن حجري لك وطاء ؛ يقول : بلى يا أماه ؛ فتقول : يا بني، قد أثقلتني ذنوبي فاحمل عني منها ذنبا واحدا ؛ فيقول : إليك عني يا أماه، فإني بذنبي عنك مشغول.