الحكمة لأن يشكر الله تعالى. وقيل : أي بأن اشكر لله تعالى فشكر ؛ فكان حكيما بشكره لنا. والشكر لله : طاعته فيما أمر به. وقد مضى القول في حقيقته لغة ومعنى في ﴿البقرة﴾ وغيرها. ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ أي من يطع الله تعالى فإنما يعمل لنفسه ؛ لأن نفع الثواب عائد إليه. ﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ أي كفر النعم فلم يوحد الله ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ عن عبادة خلقه ﴿حَمِيدٌ﴾ عند الخلق ؛ أي محمود. وقال يحيى بن سلام :﴿غَنِيٌّ﴾ عن خلقه ﴿حَمِيدٌ﴾ في فعله.
الآية :[١٣] ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾
قوله تعالى :﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ قال السهيلي : اسم ابنه ثاران ؛ في قول الطبري والقتبي. وقال الكلبي : مشكم. وقيل أنعم ؛ حكاه النقاش. وذكر القشيري أن ابنه وامرأته كانا كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما.
قلت : ودل على هذا قوله :﴿لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ وفي صحيح مسلم وغيره عن عبد الله قال : لما نزلت ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله ﷺ :"ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم". واختلف في قوله :{إن الشرك لظلم عظيم" فقيل : إنه من كلام لقمان. وقيل : هو خبر من الله تعالى منقطعا من كلام لقمان متصلا به في تأكيد المعنى ؛ ويؤيد هذا الحديث المأثور أنه لما نزلت :﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ أشفق أصحاب رسول الله ﷺ وقالوا : أينا لم يظلم ؛ فأنزل الله تعالى :﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ فسكن إشفاقهم، وإنما يسكن إشفاقهم بأن يكون خبرا من الله تعالى ؛ وقد يسكن الإشفاق بأن يذكر الله ذلك عن عبد قد وصفه بالحكمة والسداد. و ﴿إذ﴾ في موضع نصب بمعنى اذكر. وقال الزجاج


الصفحة التالية
Icon