فّدادا. قال ابن عائذ قلت لغُضيف : ما الفدّاد يا أبا أسماء ؟ قال : كبعض مشيتك يا ابن أخي أحيانا. قال أبو عبيد : والمعنى ذا مال كثير وذا خيلاء. وقال ﷺ :"من جّر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة". والفخور : هو الذي يعدد ما أعطي ولا يشكر الله تعالى ؛ قاله مجاهد. وفي اللفظة الفخر بالنسب وغير ذلك.
الآية :[١٩] ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾
فيه ست مسائلك :
الأولي- قوله تعالى :﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ لما نهاه عن الخلق الذميم رسم له الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله فقال :﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ أي توسّط فيه. والقصد : ما بين الإسراع والبطء ؛ أي لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب وثب الشطار ؛ وقال رسول الله ﷺ :"سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن". فأما ما روي عنه عليه السلام أنه كان إذا مشى أسرع، وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما : كان إذا مشى أسرع - فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت ؛ والله أعلم. وقد مدح الله سبحانه من هذه صفته حسبما تقّدم بيانه في ﴿الفرقان﴾.
الثانية- قوله تعالى :﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ أي انقص منه ؛ أي لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه ؛ فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي. والمراد بذلك كله التواضع ؛ وقد قال عمر لمؤذن تكلف رفع الأذان بأكثر من طاقته : لقد خشيت أن ينشق مُرْيَطاؤك! والمؤذن هو أبو محذورة سمرة بن معير. والمريطاء : ما بين السرة إلى العانة.
الثالثة- قوله تعالي :﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ أي أقبحها وأوحشها ؛ ومنه أتانا بوجه منكر. والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة، وكذلك نهاقه ؛ ومن استفحاشهم


الصفحة التالية
Icon