" صفحة رقم ٩٤ "
الموت وخلق على يديه قبض الأرواح واستلالها من الأجسام وإخراجها منها وخلق الله تعالى جندا يكونون معه يعملون عمله بأمره فقال تعالى : ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة وقال تعالى : توفته رسلنا وقد مضى هذا المعنى في الأنعام والبارئ خالق الكل الفاعل حقيقة لكل فعل قال الله تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها الذي خلق الموت ولحياة يحيي ويميت فملك الموت يقبض والأعوان يعالجون والله تعالى يزهق الروح وهذا هو الجمع بين الآي والأحاديث لكنه لما كان ملك الموت متولي ذلك بالوساطة والمباشرة أضيف التوفي إليه كما أضيف الخلق للملك كما تقدم في الحج وروي عن مجاهد أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث شاء وقد روى هذا المعنى مرفوعا وقد ذكرناه في ) كتاب التذكرة ( وروي أن ملك الموت لما وكله الله تعالى بقبض الأرواح قال : رب جعلتني أذكر بسوء ويشتمني بنو آدم فقال الله تعالى له :) إني أجعل للموت عللا وأسبابا من الأمراض والأسقام ينسبون الموت إليها فلا يذكرك أحد إلا بخير ) وقد ذكرناه في التذكرة مستوفي وقد ذكرنا أنه يدعو الأرواح فتجيئه ويقبضها ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أو العذاب بما فيه شفاء لمن أراد الوقوف على ذلك الثانية استدل بهذه الآية بعض العلماء على جواز الوكالة من قوله :) وكل بكم ( أي بقبض الأرواح قال بن العربي : وهذا أخذ من لفظه لا من معناه ولو اطرد ذلك لقلنا في قوله تعالى : قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا إنها نيابة عن الله تبارك وتعالى ووكالة في تبليغ رسالته ولقلنا أيضا في قوله تبارك وتعالى : وآتوا الزكاة إنه وكالة فإن الله تعالى ضمن الرزق لكل دابة وخص الأغنياء بالأغذية وأوعز إليهم بأن رزق الفقراء عندهم وأمر بتسليمه إليهم مقدارا معلوما في وقت معلوم دبره بعلمه وأنفذه


الصفحة التالية
Icon