الزمهرير. وارتفع ﴿ وَآخَرُ ﴾ بالابتداء و ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ مبتدأ ثان و ﴿ مِنْ شَكْلِهِ ﴾ خبره والجملة خبر ﴿ وَآخَرُ ﴾. ويجوز أن يكون ﴿ وَآخَرُ ﴾ مبتدأ والخبر مضمر دل عليه ﴿ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ لأن فيه دليلا على أنه لهم، فكأنه قال : ولهم آخر ويكون ﴿ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴾ صفة لآخر فالمبتدأ متخصص بالصفة و ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ مرفوع بالظرف. ومن قرأ ﴿ وَأ خَرُ ﴾ أراد وأنواع من العذاب أُخَر، ومن جمع وهو يريد الزمهرير فعلى أنه جعل الزمهرير أجناسا فجمع لاختلاف الأجناس. أو على أنه جعل لكل جزء منه زمهريرا ثم جمع كما قالوا : شابت مفارقه. أو على أنه جمع لما في الكلام من الدلالة على جواز الجمع ؛ لأنه جعل الزمهرير الذي هو نهاية البرد بإزاء الجمع في قوله :﴿ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ والضمير في ﴿ شَكْلِهِ ﴾ يجوز أن يعود على الحميم أو الغساق. أو على معنى ﴿ وَأ خَرُ مِنْ شَكْلِهِ ﴾ ما ذكرنا، ورفع ﴿ وَأ خَرُ ﴾ على قراءة الجمع بالابتداء و ﴿ مِنْ شَكْلِهِ ﴾ صفة له وفيه ذكر يعود على المبتدأ و ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ خبر المبتدأ. ولا يجوز أن يحمل على تقدير ولهم آخر و ﴿ مِنْ شَكْلِهِ ﴾ صفة لأخر و ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ مرتفعة بالظرف كما جاز في الإفراد ؛ لأن الصفة لا ضمير فيها من حيث ارتفع ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ مفرد، ؛ قاله أبو علي. و ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ أي أصناف وألوان من العذاب. وقال يعقوب : الشكل بالفتح المثل وبالكسر الدل.
قوله تعالى :﴿ هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ ﴾ قال ابن عباس : هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع، قالت الخزنة للقادة :﴿ هَذَا فَوْجٌ ﴾ يعني الأتباع والفوج الجماعة ﴿ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ﴾ أي داخل النار معكم ؛ فقالت السادة :﴿ لا مَرْحَباً بِهِمْ ﴾
قوله تعالى :﴿ لا مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ أي لا اتسعت منازلهم في النار. والرحب السعة، ومنه رحبة المسجد وغيره. وهو في مذهب الدعاء فلذلك نصب ؛ قال النابغة :
لا مرحبا بغد ولا أهلا به | إن كان تفريق الأحبة في غد |