ومنه كور العمامة. وقد روي عن ابن عباس هذا في معنى الآية. قال : ما نقص من الليل دخل في النهار وما نقص من النهار دخل في الليل. وهو معنى قوله تعالى :﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾ وقيل : تكوير الليل على النهار تغشيته إياه حتى يذهب ضوءه، ويغشى النهار على الليل فيذهب ظلمته، وهذا قول قتادة. وهو معنى قوله تعالى :﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ﴾ ﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ أي بالطلوع والغروب لمنافع العباد. ﴿ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمّىً ﴾ أي في فلكه إلى أن تنصرم الدنيا وهو يوم القيامة حين تنفطر السماء وتنتثر الكواكب. وقيل : الأجل المسمى هو الوقت الذي ينتهي فيه سير الشمس والقمر إلى المنازل المرتبة لغروبها وطلوعها. قال الكلبي : يسيران إلى أقصى منازلهما، ثم يرجعان إلى أدنى منازلهما لا يجاوزانه. وقد تقدم بيان هذا في سورة ﴿يس﴾. ﴿ أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ ﴿ أَلا ﴾ تنبيه أي تنبهوا فإني أنا ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ الغالب ﴿ الْغَفَّارُ ﴾ الساتر لذنوب خلقه برحمته.
قوله تعالى :﴿ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ يعني آدم عليه السلام ﴿ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ يعني ليحصل التناسل وقد مضى هذا في ﴿الأعراف﴾ وغيرها. ﴿ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ أخبر عن الأزواج بالنزول، لأنها تكونت بالنبات والنبات بالماء المنزل. وهذا يسمى التدريج ؛ ومثله قوله تعالى :﴿ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً ﴾ الآية. وقيل : أنزل أنشأ وجعل. وقال سعيد بن جبير : خلق. وقيل : إن الله تعالى خلق هذه الأنعام في الجنة ثم أنزلها إلى الأرض ؛ كما قيل في قوله تعالى :﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ فإن آدم لما هبط إلى الأرض أنزل معه الحديد. وقيل :﴿ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ﴾ أي أعطاكم. وقيل : جعل الخلق إنزالا ؛ لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء. فالمعنى : خلق لكم كذا بأمره النازل. قال قتادة : من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين كل واحد


الصفحة التالية
Icon