نعيم الجنة. وروي عن الحسن أنه سئل عن رجل يتمادى في المعاصي ويرجو فقال : هذا متمن. ولا يقف على قوله :﴿ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ من خفف ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ﴾ على معنى النداء ؛ لأن قوله :﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ متصل إلا أن يقدر في الكلام حذف وهو أيسر، على ما تقدم بيانه. قال الزجاج : أي كما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون كذلك لا يستوي المطيع والعاصي. وقال غيره : الذين يعلمون هم الذين ينتفعون بعلمهم ويعملون به، فأما من لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم. ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ أي أصحاب العقول من المؤمنين.
الآية :[١٠] ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
قوله تعالى :﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ أي قل يا محمد لعبادي المؤمنين ﴿ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾ أي أتقوا معاصيه والتاء مبدلة من واو وقد تقدم. وقال ابن عباس : يريد جعفر بن أبي طالب والذين خرجوا معه إلى الحبشة. ثم قال :﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ﴾ يعني بالحسنة الأولى الطاعة وبالثانية الثواب في الجنة. وقيل : المعنى للذين أحسنوا في الدنيا حسنة في الدنيا، يكون ذلك زيادة على ثواب الآخرة، والحسنة الزائدة في الدنيا الصحة والعافية والظفر والغنيمة. قال القشيري : والأول أصح ؛ لأن الكافر قد نال نعم الدنيا.
قلت : وينالها معه المؤمن ويزاد الجنة إذا شكر تلك النعم. وقد تكون الحسنة في الدنيا الثناء الحسن، وفي الآخرة الجزاء. ﴿ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ﴾ فهاجروا فيها ولا تقيموا مع من يعمل بالمعاصي. وقد مضى القول في هذا مستوفى في ﴿النساء﴾ وقيل : المراد أرض الجنة ؛ رغبهم في سعتها وسعة نعيمها ؛ كما قال :﴿ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ﴾ والجنة قد تسمى أرضا ؛


الصفحة التالية
Icon