قوله تعالى :﴿ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ﴾ إشراقها إضاءتها ؛ يقال : أشرقت الشمس إذا أضاءت وشرقت إذا طلعت. ومعنى :﴿ بِنُورِ رَبِّهَا ﴾ بعدل ربها ؛ قاله الحسن وغيره. وقال الضحاك : بحكم ربها ؛ والمعنى واحد ؛ أي أنارت وأضاءت بعدل الله وقضائه بالحق بين عباده. والظلم ظلمات والعدل نور. وقيل : إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق الأرض به. وقال ابن عباس : النور المذكور ها هنا ليس من نور الشمس والقمر، بل هو نور يخلقه الله فيضيء به الأرض. وروي أن الأرض يومئذ من فضة تشرق بنور الله تعالى حين يأتي لفصل القضاء. والمعنى أنها أشرقت بنور خلقه الله تعالى، فأضاف النور إليه على حد إضافة الملك إلى المالك. وقيل : إنه اليوم الذي يقضي فيه بين خلقه ؛ لأنه نهار لا ليل معه. وقرأ ابن عباس وعبيد بن عمير :﴿ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ ﴾ على ما لم يسم فاعله وهي قراءة على التفسير. وقد ضل قوم ها هنا فتوهموا أن الله عز وجل من جنس النور والضياء المحسوس، وهو متعال عن مشابهة المحسوسات، بل هو منور السماوات والأرض، فمنه كل نور خلقا وإنشاء. وقال أبو جعفر النحاس : وقوله عز وجل :﴿ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ﴾ يبين هذا الحديث المرفوع من طرق كثيرة صحاح :"تنظرون إلى الله عز وجل لا تضامون في رؤيته" وهو يروى على أربعة أوجه : لا تضامون ولا تضارون ولا تضامون ولا تضارون ؛ فمعنى :"لا تضامُون" لا يلحقكم ضيم كما يلحقكم في الدنيا في النظر إلى الملوك. و"لا تضارُون" لا يلحقكم ضير. و"لا تضامُّون" لا ينضم بعضكم إلى بعض ليسأله أن يريه. و"لا تضارُّون" لا يخالف بعضكم بعضا. يقال : ضاره مضارة وضرارا أي خالفه.
قوله تعالى :﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ ﴾ قال ابن عباس : يريد اللوح المحفوظ. وقال قتادة : يريد الكتاب والصحف التي فيها أعمال بني آدم، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله. ﴿ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ ﴾ أي جيء بهم فسألهم عما أجابتهم به أممهم. ﴿ وَالشُّهَدَاءِ ﴾ الذين شهدوا على الأمم من أمة


الصفحة التالية
Icon