على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان ؛ لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، فشتان ما بين السوقين. ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ ﴾ قيل : الواو هنا للعطف عطف على جملة والجواب محذوف. قال المبرد : أي سعدوا وفتحت، وحذف الجواب بليغ في كلام العرب. وأنشد :

فلو أنها نفس تموت جميعة ولكنها نفس تساقط أنفسا
فحذف جواب لو والتقدير لكان أروح. وقال الزجاج :﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا ﴾ دخلوها وهو قريب من الأول. وقيل : الواو زائدة. قال الكوفيون وهو خطأ عند البصريين. وقد قيل : إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير حتى إذا جاؤوها وأبوابها مفتحة، بدليل قوله :﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ ﴾ وحذف الواو في قصة أهل النار ؛ لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم. ذكره المهدوي وحكى معناه النحاس قبله. قال النحاس : فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد، وهو أنه لما قال الله عز وجل في أهل النار :﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ دل بهذا على أنها كانت مغلقة ولما قال في أهل الجنة :﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيؤوها ؛ والله أعلم. وقيل : إنها واو الثمانية. وذلك من عادة قريش أنهم يعدون من الواحد فيقولون خمسة ستة سبعة وثمانية، فإذا بلغوا السبعة قالوا وثمانية. قال أبو بكر بن عياش. قال الله تعالى :﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ﴾ وقال :﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ﴾ ثم قال في الثامن :﴿ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ وقال :﴿ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ وقال ﴿ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ﴾ وقد مضى القول في هذا في ﴿براءة﴾ مستوفى وفي ﴿الكهف﴾ أيضا.


الصفحة التالية
Icon