قل يا قابل التوب تقبل توبتي، فلما قلت :﴿ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾ قال : قل يا شديد العقاب اعف عني، فلما قلت :﴿ ذِي الطَّوْلِ ﴾ قال : قل يا ذا الطول طل علي بخير ؛ فقمت إليه فأخذ ببصري، فالتفت يمينا وشمالا فلم أر شيئا. وقال أهل الإشارة :﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ ﴾ فضلا ﴿ وَقَابِلِ التَّوْبِ ﴾ وعدا ﴿ شَدِيدِ الْعِقَابِ ﴾ عدلا ﴿ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ فردا. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه افتقد رجلا ذا بأس شديد من أهل الشام ؛ فقيل له : تتابع في هذا الشراب ؛ فقال عمر لكاتبه : اكتب من عمر إلى فلان، سلام عليك، وأنا أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو :﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ ثم ختم الكتاب وقال لرسوله : لا تدفعه إليه حتى تجده صاحيا، ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة، فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول : قد وعدني الله أن يغفر لي، وحذرني عقابه، فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع وحسنت توبته. فلما بلغ عمر أمره قال : هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أحدكم قد زل زلة فسددوه وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه. و ﴿التوب﴾ يجوز أن يكون مصدر تاب يتوب توبا، ويحتمل أن يكون جمع توبة نحو دومة ودوم وعزمة وعزم ؛ ومنه قوله :
فيخبو ساعة ويهب ساعا
ويجوز أن يكون التوب بمعنى التوبة. قال أبو العباس : والذي يسبق إلى قلبي أن يكون مصدرا ؛ أي يقبل هذا الفعل، كما تقول قالا قولا، وإذا كان جمعا فمعناه يقبل التوبات. ﴿ ذِي الطَّوْلِ ﴾ على البدل وعلى النعت ؛ لأنه معرفة. وأصل الطول الإنعام والفضل يقال منه : اللهم طل علينا أي انعم وتفضل. قال ابن عباس :﴿ ذِي الطَّوْلِ ﴾ ذي النعم. وقال مجاهد : ذي الغنى والسعة ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً ﴾ أي غنى وسعة. وعن ابن عباس أيضا :﴿ ذِي الطَّوْلِ ﴾ ذي الغنى عمن لا يقول لا إله إلا الله. وقال عكرمة :