سبعون ألف جناح، في الجناح سبعون ألف ريشة، في كل ريشة سبعون ألف وجه، في كل وجه سبعون ألف فم، في كل فم سبعون ألف لسان. يخرج من أفواهها في كل يوم من التسبيح عدد قطر المطر، وعدد ورق الشجر، وعدد الحصى والثرى، وعدد أيام الدنيا وعدد الملائكة أجمعين، فالتوت الحية بالعرش، فالعرش إلى نصف الحية وهي ملتوية به. وقال مجاهد : بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب، حجاب نور وحجاب ظلمة، وحجاب نور وحجاب ظلمة. ﴿ رَبَّنَا ﴾ أي يقولون ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ﴾ أي وسعت رحمتك وعلمك كل شيء، فلما نقل الفعل عن الرحمة والعلم نصب على التفسير. ﴿ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا ﴾ أي من الشرك والمعاصي ﴿ وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ﴾ أي دين الإسلام. ﴿ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ أي اصرفه عنهم حتى لا يصل إليهم. قال إبراهيم النخعي : كان أصحاب عبدالله يقولون الملائكة خير من ابن الكواء ؛ هم يستغفرون لمن في الأرض وابن الكواء يشهد عليهم بالكفر، قال إبراهيم : وكانوا يقولون لا يحجبون الاستغفار عن أحد من أهل القبلة. وقال مطرف بن عبدالله : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشيطان، وتلا هذه الآية. وقال يحيى بن معاذ الرازي لأصحابه في هذه الآية : افهموها فما في العالم جنة أرجى منها ؛ إن ملكا واحدا لو سأل الله أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم، كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين. وقال خلف بن هشام البزار القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت :﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ بكى ثم قال : يا خلف ما أكرم المؤمن على الله نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له.
قوله تعالى :﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ يروى أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار : ما جنات عدن. قال : قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون والصديقون والشهداء وأئمة العدل. ﴿ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ﴾ ﴿ الَّتِي ﴾ في محل نصب نعتا للجنات. ﴿ وَمَنْ صَلَحَ ﴾ ﴿ مِنْ ﴾ في محل نصب عطفا على الهاء والميم في قوله :﴿ وَأَدْخِلْهُمْ ﴾. ﴿ وَمَنْ صَلَحَ ﴾ بالإيمان