قلت : والقول الأول ظاهر جدا ؛ لأن المقصود إظهار انفراده تعالى بالملك عند انقطاع دعاوي المدعين وانتساب المنتسبين ؛ إذ قد ذهب كل ملك وملكه ومتكبر وملكه وانقطعت نسبهم ودعاويهم، ودل على هذا قوله الحق عند قبض الأرض والأرواح وطي السماء :"أنا الملك أين ملوك الأرض" كما تقدم في حديث أبي هريرة وفي حديث ابن عمر، ثم يطوي الأرض بشماله والسموات بيمينه، ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون. وعنه قوله سبحانه :﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾ هو انقطاع زمن الدنيا وبعده يكون البعث والنشر. قال محمد بن كعب قوله سبحانه :﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾ يكون بين النفختين حين فني الخلائق وبقي الخالق فلا يرى غير نفسه مالكا ولا مملوكا فيقول :﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾ فلا يجيبه أحد ؛ لأن الخلق أموات فيجيب نفسه فيقول :﴿ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ لأنه بقي وحده وقهر خلقه. وقيل : إنه ينادي مناد فيقول :﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ فيجيبه أهل الجنة :﴿ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ فالله أعلم. ذكره الزمخشري.
قوله تعالى :﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ أي يقال لهم إذا أقروا بالملك يومئذ لله وحده ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ من خير أوشر. ﴿ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾ أي لا ينقص أحد شيئا مما عمله. ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ أي لا يحتاج إلى تفكر وعقد يد كما يفعله الحساب ؛ لأنه العالم الذي لا يعزب عن علمه شيء فلا يؤخر جزاء أحد للاشتغال بغيره ؛ وكما يرزقهم في ساعة واحدة يحاسبهم كذلك في ساعة واحدة. وقد مضى هذا المعنى في ﴿البقرة﴾. وفي الخبر : ولا ينتصف النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
الآية :[١٨] ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾
الآية :[١٩] ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور ﴾


الصفحة التالية
Icon