والمعنى : إن تعظموا عن اتباع محمد ﷺ وقالوا إن الدجال سيخرج عن قريب فيرد الملك إلينا، وتسير معه الأنهار، وهو آية من آيات الله فذلك كبر لا يبلغونه فنزلت الآية فيهم. قال أبو العالية وغيره. وقد تقدم في ﴿آل عمران﴾ أنه يخرج ويطأ البلاد كلها إلا مكة والمدينة. وقد ذكرنا خبره مستوفى في كتاب التذكرة. وهو يهودي واسمه صاف ويكنى أبا يوسف. وقيل : كل من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا حسن ؛ لأنه يعم. وقال مجاهد : معناه في صدورهم عظمة ما هم ببالغيها والمعنى واحد. وقيل : المراد بالكبر الأمر الكبير أي يطلبون النبوة أو أمرا كبيرا يصلون به إليك من القتل ونحوه، ولا يبلغون ذلك. أو يتمنون موتك قبل أن يتم دينك ولا يبلغونه.
قوله تعالى :﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾ قيل : من فتنة الدجال على قول من قال إن الآية نزلت في اليهود. وعلى القول الآخر من شر الكفار. قيل : من مثل ما ابتلوا به من الكفر والكبر. ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ ﴿ هُوَ ﴾ يكون فاصلا ويكون مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر إن على ما تقدم.
قوله تعالى :﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ مبتدأ وخبره. قال أبو العالية : أي أعظم من خلق الدجال حين عظمته اليهود. وقال يحيى بن سلام : هو احتجاج على منكري البعث ؛ أي هما أكبر من إعادة خلق الناس فلم اعتقدوا عجزي عنها ؟. ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ أي لا يعلمون ذلك.
قوله تعالى :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ﴾ أي المؤمن والكافر والضال والمهتدي. ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ أي ولا يستوي العامل للصالحات ﴿ وَلا الْمُسِيءُ ﴾ الذي يعمل السيئات. ﴿ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ قراءة العامة بياء على الخبر واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأجل ما قبله من الخبر وما بعده. وقرأ الكوفيون بالتاء على الخطاب.


الصفحة التالية
Icon