التجارات والأشجار والمنافع في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة والأسفار من بلد إلى بلد. قال عكرمة : حتى إنه في بعض البلاد ليتبايعون الذهب بالملح مثلا بمثل. وقال مجاهد والضحاك : السابري من سابور، والطيالسة من الري، والحبر اليمانية من اليمن. ﴿ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ﴾ يعني في تتمة أربعة أيام. ومثاله قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام، وإلى الكوفة في خمسة عشر يوما ؛ أي في تتمة خمسة عشر يوما. قال معناه ابن الأنباري وغيره. ﴿ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ قال الحسن : المعنى في أربعة أيام مستوية تامة. الفراء : في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى : وقدر فيها أقواتها سواء للمحتاجين. واختاره الطبري. وقرأ الحسن، البصري ويعقوب الحضرمي ﴿ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ بالجر وعن ابن القعقاع ﴿ سَوَاءً ﴾ بالرفع ؛ فالنصب على المصدر و ﴿ سَوَاءً ﴾ بمعنى استواء أي استوت استواء. وقيل : على الحال والقطع ؛ والجر على النعت لأيام أو لأربعة أي ﴿ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ﴾ مستوية تامة. والرفع على الابتداء والخبر ﴿ لِلسَّائِلِينَ ﴾ أو على تقدير هذه ﴿ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾. وقال أهل المعاني : معنى ﴿ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ ولغير السائلين ؛ أي خلق الأرض وما فيها لمن سأل ولمن لم يسأل، ويعطي من سأل ومن لا يسأل.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ﴾ أي عمد إلى خلقها وقصد لتسويتها. والاستواء من صفة الأفعال على أكثر الأقوال ؛ يدل عليه قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ وقد مضى القول هناك. وروى أبو صالح عن ابن عباس في قوله :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ يعني صعد أمره إلى السماء ؛ وقال الحسن. ومن قال : إنه صفة ذاتية زائدة قال : استوى في الأزل بصفاته. و ﴿ ثُمَّ ﴾ ترجع إلى نقل السماء من صفة الدخان إلى حالة الكثافة. وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس ؛ على ما مضى في ﴿البقرة﴾ عن ابن مسعود وغيره. ﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ﴾ أي جيئا بما خلقت فيكما من المنافع والمصالح وأخرجاها لخلقي. قال ابن عباس : قال الله تعالى للسماء : أطلعي شمسك