قوله تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً ﴾ الخطاب لكل عاقل أي ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾ الدالة على أنه يحيي الموتى ﴿ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً ﴾ أي يابسة جدبة ؛ هذا وصف الأرض بالخشوع ؛ قال النابغة :
رماد ككحل العين لأيا أبينه | ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع |
والأرض الخاشعة ؛ الغبراء التي تنبت. وبلدة خاشعة : أي مغبرة لا منزل بها. ومكان خاشع.
﴿ فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ ﴾ أي بالنبات ؛ قال مجاهد. يقال : اهتز الإنسان أي تحرك ؛ ومنه :
تراه كنصل السيف يهتز للندى | إذا لم تجد عند امرئ السوء مطمعا |
﴿ وَرَبَتْ ﴾ أي انتفخت وعلت قبل أن تنبت ؛ قال مجاهد. أي تصعدت عن النبات بعد موتها. وعلى هذا التقدير يكون في الكلام تقديم وتأخير وتقديره : ربت واهتزت. والاهتزاز والربو قد يكونان قبل الخروج من الأرض ؛ وقد يكونان بعد خروج النبات إلى وجه الأرض ؛ فربوها ارتفاعها. ويقال للموضع المرتفع : ربوة ورابية ؛ فالنبات يتحرك للبروز ثم يزداد في جسمه بالكبر طولا وعرضا. وقرأ أبو جعفر وخالد
﴿ وَرَبَأتْ ﴾ ومعناه عظمت ؛ من الربيئة. وقيل :
﴿ اهْتَزَّتْ ﴾ أي استبشرت بالمطر
﴿ وَرَبَتْ ﴾ أي انتفخت بالنبات. والأرض إذا انشقت بالنبات : وصفت بالضحك، فيجوز وصفها بالاستبشار أيضا. ويجوز أن يقال الربو والاهتزاز واحد ؛ وهي حالة خروج النبات. وقد مضى هذا المعنى في
﴿الحج﴾ ﴿ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ تقدم في غير موضع.