قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ﴾ الذكر ها هنا القرآن في قول الجميع ؛ لأن فيه ذكر ما يحتاج إليه من الأحكام. والخبر محذوف تقديره هالكون أومعذبون. وقيل : الخبر ﴿ أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ واعترض قوله :﴿ مَا يُقَالُ لَكَ ﴾ ثم رجع إلى الذكر فقال :﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً ﴾ ثم قال :﴿ أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ ﴾ والأول الاختيار ؛ قال النحاس : عند النحويين جميعا فيما علمت. ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ أي عزيز على الله ؛ قاله ابن عباس ؛ وعنه : عزيز من عند الله. وقيل : كريم على الله. وقيل :﴿ عَزِيزٌ ﴾ أي أعزه الله فلا يتطرق إليه باطل. وقيل : ينبغي أن يعز ويجل وألا يلغى فيه. وقيل :﴿ عَزِيزٌ ﴾ من الشيطان أن يبدله ؛ قاله السدي. مقاتل : منع من الشيطان والباطل. السدي : غير مخلوق فلا مثل له. وقال ابن عباس أيضا :﴿ عَزِيزٌ ﴾ أي ممتنع عن الناس أن يقولوا مثله. ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ﴾ أي لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل ولا ينزل من بعده يبطله وينسخه ؛ قال الكلبي. وقال السدي وقتادة :﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ ﴾ يعني الشيطان ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ﴾ لا يستطيع أن يغير ولا يزيد ولا ينقص. وقال سعيد بن جبير : لا يأتيه التكذيب ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ﴾. ابن جريج :﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ ﴾ فيما أخبر عما مضى ولا فيما أخبر عما يكون. وعن ابن عباس :﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾ من الله تعالى :﴿ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ﴾ يريد من جبريل ﷺ، ولا من محمد صلى الله عليه وسلم. ﴿ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ ابن عباس :﴿ حَكِيمٍ ﴾ في خلقه ﴿حميد﴾ إليهم. قتادة :﴿ حَكِيمٍ ﴾ في أمره ﴿ حَمِيدٍ ﴾ إلى خلقه.
قوله تعالى :﴿ مَا يُقَالُ لَكَ ﴾ أي من الأذى والتكذيب ﴿ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ يعزي نبيه ويسليه ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ ﴾ لك ولأصحابك ﴿ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ﴾ يريد لأعدائك وجيعا. وقيل : أي ما يقال لك من إخلاص العبادة لله إلا ما قد أوحي إلى من قبلك، ولا خلاف بين الشرائع فيما يتعلق بالتوحيد، وهو كقوله :{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ