ولا يفهمه. وقال الضحاك :﴿ يُنَادَوْنَ ﴾ يوم القيامة بأقبح أسمائهم ﴿ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ فيكون ذلك أشد لتوبيخهم وفضيحتهم. وقيل : أي من لم يتدبر القرآن صار كالأعمى الأصم، فهو ينادى من مكان بعيد فينقطع صوت المنادي عنه وهو لم يسمع. وقال علي رضي الله عنه ومجاهد : أي بعيد من قلوبهم. وفي التفسير : كأنما ينادون من السماء فلا يسمعون. وحكى معناه النقاش.
الآية :[٤٥] ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾
الآية :[٤٦] ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ﴾ يعني التوراة ﴿ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ﴾ أي آمن به قوم وكذب به قوم. والكناية ترجع إلى الكتاب، وهو تسلية للنبي ﷺ ؛ أي لا يحزنك اختلاف قومك في كتابك، فقد اختلف من قبلهم في كتابهم. وقيل : الكناية ترجع إلى موسى. ﴿ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ ﴾ أي في إمهالهم. ﴿ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ أي بتعجيل العذاب. ﴿ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ﴾ من القرآن ﴿ مُرِيبٍ ﴾ أي شديد الريبة. وقد تقدم. وقال الكلبي في هذه الآية : لولا أن الله أخر عذاب هذه الأمة إلى يوم القيامة لآتاهم العذاب كما فعل بغيرهم من الأمم. وقيل : تأخير العذاب لما يخرج من أصلابهم من المؤمنين.
قوله تعالى :﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ شرط وجوابه ﴿ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾. والله جل وعز مستغن عن طاعة العباد، فمن أطاع فالثواب له، ومن أساء فالعقاب عليه. ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ نفى الظلم عن نفسه جل وعز قليله وكثيره، وإذا انتفت المبالغة انتفى غيرها، دليله قوله الحق :﴿إن إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً ﴾ وروى العدول الثقات،