قوله تعالى :﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا ﴾ عاقبة ورخاء وغنى ﴿ عْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ ﴾ ضر وسقم وشدة وفقر. ﴿ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ أي هذا شيء استحقه على الله لرضاه بعملي، فيرى النعمة حتما واجبا على الله تعالى، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة ؛ ليتبين شكره وصبره. وقال ابن عباس :﴿ هَذَا لِي ﴾ أي هذا من عندي. ﴿ وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ﴾ أي الجنة، واللام للتأكيد. يتمنى الأماني بلا عمل. قال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب : للكافر أمنيتان أما في الدنيا فيقول :﴿ وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ﴾، وأما في الآخرة فيقول :﴿ لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ و ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ﴾ ﴿ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا ﴾ أي لنجزينهم. قسم أقسم الله عليه. ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ أي شديد.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الأِنْسَانِ ﴾ يريد الكافر وقال ابن عباس : يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أعرضوا عن الإسلام وتباعدوا عنه. ﴿ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ ﴿ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ أي ترفع عن الانقياد إلى الحق وتكبر على أنبياء الله. وقيل :﴿ نأى ﴾ تباعد. يقال : نأيته ونأيت عنه نأيا بمعنى تباعدت عنه، وأنأيته فانتأى : أبعدته فبعد، وتناؤوا تباعدوا، والمنتأى الموضع البعيد ؛ قال النابغة :
فإنك كالليل الذي هو مدركي | وإن خلت أن المنتأى عنك واسع |