قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال - هم الذين إذا فسد الناس صلحوا - ثم قال - ألا لا غربة على مؤمن وما مات مؤمن في غربة غائبا عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض - ثم قرأ رسول الله ﷺ - ﴿فما بكت عليهم السماء والأرض﴾ ثم قال : ألا إنهما لا يبكيان على الكافر.
قلت : وذكر أبو نعيم محمد بن معمر قال : حدثنا أبو شعيب الحراني قال حدثنا يحيى بن عبدالله قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني عطاء الخراساني قال : ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت. وقيل : بكاؤهما حمرة أطرافهما ؛ قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعطاء والسدي والترمذي محمد بن علي وحكاه عن الحسن. قال السدي : لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بكت عليه السماء ؛ وبكاؤها حمرتها. وحكى جرير عن يزيد بن أبي زياد قال : لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أربعة أشهر. قال يزيد : واحمرارها بكاؤها. وقال محمد بن سيرين : أخبرونا أن الحمرة التي تكون مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما. وقال سليمان القاضي : مطرنا دما يوم قتل الحسين.
قلت : روى الدارقطني من حديث مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : قال النبي ﷺ :"الشفق الحمرة". وعن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا : الشفق شفقان : الحمرة والبياض ؛ فإذا غابت الحمرة حلت الصلاة. وعن أبي هريرة قال : الشفق الحمرة. وهذا يرد ما حكاه ابن سيرين. وقد تقدم في "الإسراء" عن قرة بن خالد قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها. وقال محمد بن علي الترمذي : البكاء إدرار الشيء فإذا أدرت العين بمائها قيل بكت، وإذا أدرت السماء بحمرتها قيل بكت، وإذا أدرت الأرض بغبرتها قيل بكت ؛ لأن المؤمن نور ومعه نور الله ؛ فالأرض مضيئة بنوره وإن غاب عن عينيك، فان فقدت نور المؤمن اغبرت فدرت


الصفحة التالية
Icon