قوله تعالى :﴿ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قرئ ﴿يُبَشِّرُ﴾ من بشره، "ويبشر" من أبشره، "يبشر" من بشره، وفيه حذف ؛ أي يبشر الله به عباده المؤمنين ليتعجلوا السرور ويزدادوا منه وجدا في الطاعة.
قوله تعالى :﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ أي قل يا محمد لا أسألكم عل تبليغ الرسالة جعلا. ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قال الزجاج :﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ﴾ استثناء ليس من الأول ؛ أي إلا أن تودوني لقرابتي فتحفظوني. والخطاب لقريش خاصة ؛ قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وأبو مالك والشعبي وغيرهم. قال الشعبي : أكثر الناس علينا في هذه الآية فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عنها ؛ فكتب أن رسول الله ﷺ كان أوسط الناس في قريش، فليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده ؛ فقال الله له :﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ إلا أن تودوني في قرابتي منكم ؛ أي تراعوا ما بيني وبينكم فتصدقوني. فـ "القربى" ها هنا قرابة الرحم ؛ كأنه قال : اتبعوني للقرابة إن لم تتبعوني للنبوة. قال عكرمة : وكانت قريش تصل أرحامها فلما بعث النبي ﷺ قطعته ؛ فقال :"صلوني كما كنتم تفعلون". فالمعنى على هذا : قل لا أسألكم عليه أجرا لكن أذكركم قرابتي ؛ على استئناء ليس من أول ؛ ذكره النحاس. وفي البخاري عن طاوس عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى :﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد ؛ فقال ابن عباس : عجت ! إن النبي ﷺ لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال : إلا أن تصلوا ما بينكم من القرابة. فهذا قول. وقيل : القربى قرابة الرسول ﷺ، أي لا أسألكم أجرا إلا أن تودوا قرابتي وأهل بيتي، كما أمر بإعظامهم ذوي القربى. وهذا قول علي بن حسين وعمرو بن شعيب والسدي. وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس : لما أنزل الله عز وجل :﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قالوا : يا رسول الله، من


الصفحة التالية
Icon