عيوا بأمرهم كما... عيت ببيضتها الحمامة
وعييت بأمري إذا لم تهتد لوجهه. وأعياني هو. وقرأ الحسن ﴿وَلَمْ يَعِي﴾ بكسر العين وإسكان الياء، وهو قليل شاذ، لم يأت إعلال العين وتصحيح اللام إلا في أسماء قليلة، نحو غاية وآية. ولم يأت في الفعل سوى بيت أنشده الفراء، وهو قول الشاعر :
فكأنها بين النساء سبيكة... تمشى بسدة بيتها فتعي
﴿بِقَادِرٍ﴾ قال أبو عبيدة والأخفش : الباء زائدة للتوكيد كالباء في قوله :﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾ [النساء : ١٦٦]، وقوله :﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ [المؤمنون : ٢٠]. وقال الكسائي والفراء والزجاج : الباء فيه خلف الاستفهام والجحد في أول الكلام. قال الزجاج : والعرب تدخلها مع الجحد تقول : ما ظننت أن زيدا بقائم. ولا تقول : ظننت أن زيدا بقائم. وهو لدخول "ما" ودخول "أن" للتوكيد. والتقدير : أليس الله بقادر، كقوله تعالى :﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ﴾ [يس : ٨١]. وقرأ ابن مسعود والأعرج والجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب "يقدر" واختاره أبو حاتم، لأن دخول الباء في خبر "أن" قبيح. واختار أبو عبيد قراءة العامة، لأنها في قراءة عبدالله ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ﴾ بغير باء. والله أعلم.
الآية : ٣٤ ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ﴾ أي ذكرهم يوم يعرضون فيقال لهم :﴿النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا﴾ فيقول لهم المقرر :﴿فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أي بكفركم.


الصفحة التالية
Icon