قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ أي إن تنصروا دين الله ينصركم على الكفار. نظيره :﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحج : ٤٠] وقد تقدم. وقال قطرب : إن تنصروا نبي الله ينصركم الله، والمعنى واحد. ﴿وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ أي عند القتال. وقيل على الإسلام. وقيل على الصراط. وقيل : المراد تثبيت القلوب بالأمن، فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب. وقد مضى في "الأنفال" هذا المعنى. وقال هناك :﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الأنفال : ١٢] فأثبت هناك واسطة ونفاها هنا، كقوله تعالى :﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ [السجدة : ١١] ثم نفاها بقوله :﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [الروم : ٤٠]. ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك : ٢] ومثله كثير، فلا فاعل إلا الله وحده.
الآية : ٨ ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾
قوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يحتمل، الرفع على الابتداء، والنصب بما يفسره ﴿فَتَعْساً لَهُمْ﴾ كأنه قال : أتعس الذين كفروا. و ﴿تعسا لهم﴾ نصب على المصدر بسبيل الدعاء، قاله الفراء، مثل سقيا له ورعيا. وهو نقيض لعا له. قال الأعشى :
فالتعس أولى لها من أن أقول لعا
وفيه عشرة أقوال : الأول : بعدا لهم، قاله ابن عباس وابن جريج. الثاني : حزنا لهم، قاله السدي. الثالث : شقاء لهم، قال ابن زيد. الرابع : شتما لهم من الله، قاله الحسن. الخامس : هلاكا لهم، قال ثعلب. السادس : خيبة لهم، قاله الضحاك وابن زيد. السابع : قبحا لهم، حكاه النقاش. الثامن : رغما لهم، قاله الضحاك أيضا.