لحدوثه عنه. وعن سفيان بن عيينة أنه سئل عن فضل العلم فقال : ألم تسمع قوله حين بدأ به ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ فأمر بالعمل بعد العلم وقال :﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ إلى قوله ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الحديد : ٢٠ - ٢١] وقال :﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال : ٢٨]. ثم قال بعد :﴿فَاحْذَرُوهُمْ﴾ [التغابن : ١٤]. وقال تعالى :﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال : ٤١]. ثم أمر بالعمل بعد.
قوله تعالى :﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : يعني استغفر الله أن يقع منك ذنب. الثاني : استغفر الله ليعصمك من الذنوب. وقيل : لما ذكر له حال الكافرين والمؤمنين أمره بالثبات على الإيمان، أي اثبت على ما أنت عليه من التوحيد والإخلاص والحذر عما تحتاج معه إلى استغفار. وقيل : الخطاب له والمراد به الأمة، وعلى هذا القول توجب الآية استغفار الإنسان لجميع المسلمين. وقيل : كان عليه السلام يضيق صدره من كفر الكفار والمنافقين، فنزلت الآية. أي فاعلم أنه لا كاشف يكشف ما بك إلا الله، فلا تعلق قلبك بأحد سواه. وقيل : أمر بالاستغفار لتقتدي به الأمة. ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ أي ولذنوبهم. وهذا أمر بالشفاعة. وروى مسلم عن عاصم الأحول عن عبدالله بن سرجس المخزومي قال : أتيت النبي ﷺ وأكلت من طعامه فقلت : يا رسول الله، غفر الله لك فقال له صاحبي : هل استغفر لك النبي ﷺ ؟ قال : نعم، ولك. ثم تلا هذه الآية :﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ ثم تحولت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، جمعا عليه خيلان كأنه الثآليل.
قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ فيه خمسة أقوال : أحدها : يعلم أعمالكم في تصرفكم وإقامتكم. الثاني :﴿مُتَقَلَّبَكُمْ﴾ في أعمالكم نهارا ﴿وَمَثْوَاكُمْ﴾ في ليلكم نياما. وقيل