لحنت له (بالفتح) ألحن لحنا إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى على غيره. ولحنه هو عني (بالكسر) يلحنه لحنا أي فهمه. وألحنته أنا إياه، ولاحنت الناس فاطنتهم، قال الفزاري :
وحديث ألذه هو مما... ينعت الناعتون يوزن وزنا
منطق رائع وتلحن أحيانا... وخير الحديث ما كان لحنا
يريد أنها تتكلم بشيء وهي تريد غيره، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها وذكائها. وقد قال تعالى :﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾. وقال القتال الكلابي :
ولقد وحيت لكم لكيما تفهموا... ولحنت لحنا ليس بالمرتاب
وقال مرار الأسدي :
ولحنت لحنا فيه غش ورابني... صدودك ترضين الوشاة الأعاديا
قال الكلبي : فلم يتكلم بعد نزولها عند النبي ﷺ منافق إلا عرفه. وقيل : كان المنافقون يخاطبون النبي ﷺ بكلام تواضعوه فيما بينهم، والنبي ﷺ يسمع ذلك ويأخذ بالظاهر المعتاد، فنبهه الله تعالى عليه، فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم. قال أنس : فلم يخف منافق بعد هذه الآية على رسول الله ﷺ، عرفه الله ذلك بوحي أو علامة عرفها بتعريف الله إياه. ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ أي لا يخفى عليه شيء منها.
الآية : ٣١ ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾
قوله تعالى :﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ أي نتعبدكم بالشرائع لان علمنا عواقب الأمور. وقيل : لنعاملنكم معاملة المختبرين. ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ عليه. قال ابن عباس :﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ حتى نميز. وقال على رضي الله عنه. ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ حتى نرى. وقد مضى