قوله تعالى :﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ قال ابن عباس : لما نزل قوله تعالى :﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قال قوم في نفوسهم : ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه من بعده ؛ فأخبر جبريل النبي ﷺ، وأنهم قد اتهموه فأنزل :﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً﴾ الآية ؛ فقال القوم : يا رسول الله، فإنا نشهد أنك صادق ونتوب. فنزلت :﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾. قال ابن عباس : أي عن أوليائه وأهل طاعته. والآية عامة. وقد مضى الكلام في معنى التوبة وأحكامها ؛ ومضى هذا اللفظ في "التوبة". ﴿وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ أي عن الشرك قبل الإسلام. ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ أي من الخير والشر. وقرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف بالتاء على الخطاب، وهى قراءة ابن مسعود وأصحابه. الباقون بالياء على الخبر، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنه بين خبرين : الأول ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ والثاني ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.
الآية : ٢٦ ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾
قوله تعالى :﴿الَّذِينَ﴾ في موضع نصب ؛ أي ويستجيب الله الذين آمنوا، أي يقبل عبادة من أخلص له بقلبه وأطاع ببدنه. وقيل : يعطيهم مسألتهم إذا دعوه. وقيل : ويجيب دعاء المؤمنين بعضمهم لبعض ؛ يقال : أجاب واستجاب بمعنى، وقد مضى في "البقرة". وقال ابن عباس :﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ يشفعهم في إخوانهم. ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ قال : يشفعهم في إخوان إخوانهم. وقال المبرد : معنى ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وليستدع الذين آمنوا الإجابة ؛ هكذا حقيقة معنى استفعل. فـ ﴿الذين﴾ في موضع رفع. ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon