الخلق. وقد غاث الغيث الأرض أي أصابها. وغاث الله البلاد يغيثها غيثا. وغيثت الأرض تغاث غيثا فهي أرض مغيثة ومغيوثة. وعن الأصمعي قال : مررت ببعض قبائل العرب وقد مطروا فسألت عجوزا منهم : أتاكم المطر ؟ فقالت : غثنا ما شئنا غيثا، أي مطرنا. وقال ذو الرمة : قاتل الله أمة بني فلان ما أفصحها ! قلت لها كيف كان المطر عندكم ؟ فقالت : غثنا ما شئنا. ذكر الأول الثعلبي والثاني الجوهري. وربما سمي السحاب والنبات غيثا. والقنوط الإياس ؛ قاله قتادة وغيره. قال قتاده : ذكر أن رجلا قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين، قحط المطر وقل الغيث وقنط الناس ؟ فقال : مطرتم إن شاء الله، ثم قرأ :﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾. والغيث ما كان نافعا في وقته، والمطر قد يكون نافعا وضارا في، وقته وغير وقته ؛ قال الماوردي. ﴿وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ قيل المطر ؛ وهو قول السدي. وقيل ظهور الشمس بعد المطر ؛ ذكره المهدوي. وقال مقاتل : نزلت في حبس المطر عن أهل مكة سبع سنين حتى قنطوا، ثم أنزل الله المطر. وقيل : نزلت في الأعرابي سأل رسول الله ﷺ عن المطر يوم الجمعة في خبر الاستسقاء ؛ ذكره القشيري، والله أعلم. ﴿وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ ﴿الْوَلِيُّ﴾ الذي ينصر أولياءه. ﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود بكل لسان.
الآية : ٢٩ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾
قوله تعالى :﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي علاماته الدالة على قدرته. ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ قال مجاهد : يدخل في هذا الملائكة والناس، وقد قال تعالى :﴿وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل : ٨]. وقال الفراء أراد ما بث في الأرض دون السماء ؛ كقوله :﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن : ٢٢] إنما يخرج من الملح دون العذب. وقال أبو علي : تقديره وما بث في أحدهما ؛ فحذف المضاف. وقوله :﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ أي من أحدهما. ﴿وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ﴾ أي يوم القيامة ﴿إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon