إنفاق مال كله وحين شتم فحلم. وعن علي رضي الله عنه قال : اجتمع لأبي بكر مال مرة، فتصدق به كله في سبيل الخير ؛ فلامه المسلمون وخطأه الكافرون فنزلت :﴿فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ - إلى قوله ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾. وقال ابن عباس : شتم رجل من المشركين أبا بكر فلم يرد عليه شيئا ؛ فنزلت الآية. وهذه من محاسن الأخلاق ؛ يشفقون على ظالمهم ويصفحون لمن جهل عليهم ؛ يطلبون بذلك ثواب الله تعالى وعفوه ؛ لقوله تعالى في آل عمران :﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ [آل عمران : ١٣٤]. وهو أن يتناولك الرجل فتكظم غيظك عنه. وأنشد بعضهم :
إني عفوت لظالمي ظلمي | ووهبت ذاك له على علمي |
مازال يظلمني وأحرمه | حتى بكيت له من الظلم |
قوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ﴾ قال عبدالرحمن بن زيد : هم الأنصار بالمدينة ؛ استجابوا إلى الإيمان بالرسول حين أنفذ إليهم اثنى عشر نقيبا منهم قبل الهجرة. ﴿وأقاموا الصلاة﴾ أي أدوها لمواقيتها بشروطها وهيئاتها. ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ أي يتشاورون في الأمور. والشورى مصدر شاورته ؛ مئل البشرى والذكرى ونحوه. فكانت الأنصار قبل قدوم النبي صلى إليهم إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ثم عملوا عليه ؛ فمدحهم الله تعالى به ؛ قاله النقاش. وقال الحسن : أي إنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون ؛ فمدحوا باتفاق كلمتهم. قال الحسن : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم. وقال