تحتها}، وعلى قول من قال : إن المنادى عيسى ونص على كلامه في مهده فقال :﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾ [مريم : ٣٠]. وقال ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً﴾ [الأنبياء : ٧٩] وقد ذكر من حكم سليمان وهو صبي يلعب في قصة المرجومة وفي قصة الصبي ما اقتدى به أبوه داود. وحكى الطبري أن عمره كان حين أوتي الملك اثني عشر عاما. وكذلك قصة موسى عليه السلام مع فرعون وأخذه بلحيته وهو طفل. وقال المفسرون في قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنبياء : ٥١] : أي هديناه صغيرا ؛ قال مجاهد وغيره. وقال ابن عطاء : اصطفاه قبل إبداء خلقه.
وقال بعضهم : لما ولد إبراهيم بعث الله إليه ملكا يأمره عن الله تعالى أن يعرفه بقلبه ويذكره بلسانه فقال : قد فعلت ؛ ولم يقل أفعل ؛ فذلك رشده. وقيل : إن إلقاء إبراهيم في النار ومحنته كانت وهو ابن ست عشره سنة. وإن ابتلاء إسحاق بالذبح وهو ابن سبع سنين. وأن استدلال إبراهيم بالكوكب والقمر والشمس كان وهو ابن خمس عشرة سنة. وقيل أوحي إلى يوسف وهو صبي عند ما هم إخوته بإلقائه في الجب بقوله تعالى :﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا﴾ [يوسف : ١٥] الآية ؛ إلى غير ذلك من أخبارهم. وقد حكى أهل السير أن أمنة بنت وهب أخبرت أن نبينا محمدا ﷺ ولد حين ولد باسطا يديه إلى الأرض رافعا رأسه إلى السماء، وقال في حديثه ﷺ :"لما نشأت بغضت إلي الأوثان وبغض إلي الشعر ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين فعصمني الله منهما ثم لم أعد". ثم يتمكن الأمر لهم، وتترادف نفحات الله تعالى عليهم، وتشرق أنوار المعارف في قلوبهم حتى يصلوا الغاية ويبلغوا باصطفاء الله تعالى لهم بالنبوة في تحصيل الخصال الشريفة النهاية دون، ممارسة ولا رياضة. قال الله تعالى :﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾ [يوسف : ٢٢]. قال القاضي : ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبئ واصطفي ممن عرف بكفر وإشراك قبل ذلك. ومستند هذا الباب النقل. وقد استدل بعضهم بأن القلوب تنفر عمن كانت هذه سبيله.