الثالثة : قوله تعالى :﴿وَمَعَارِجَ﴾ يعني الدرج ؛ قال ابن عباس وهو قول الجمهور. واحدها معراج، والمعراج السلم ؛ ومنه ليلة المعراج. والجمع معارج ومعاريج ؛ مثل مفاتح ومفاتيح ؛ لغتان. ﴿ومعاريج﴾ قرأ أبو رجاء العطاردي وطلحة بن مصرف ؛ وهي المراقي والسلاليم. قال الأخفش : إن شئت جعلت الواحد معرج ومعرج ؛ مثل مرقاة ومرقاة. ﴿عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾ أي على المعارج يرتقون ويصعدون ؛ يقال : ظهرت على البيت أي علوت سطحه. وهذا لأن من علا شيئا وارتفع عليه ظهر للناظرين. ويقال : ظهرت على الشيء أي علمته. وظهرت على العدو أي غلبته.
وأنشد نابغة بني جعدة رسول الله ﷺ قوله :

علونا السماء عزة ومهابة وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
أي مصعدا ؛ فغضب رسول الله ﷺ وقال :[إلى أين] ؟ قال إلى الجنة ؛ قال :[أجل إن شاء الله]. قال الحسن : والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها وما فعل ذلك ! فكيف لو فعل ؟ !
الرابعة : استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن السقف لا حق فيه لرب العلو ؛ لأن الله تعالى جعل السقوف للبيوت كما جعل الأبواب لها. وهذا مذهب مالك رحمه الله.
قال ابن العربي : وذلك لأن البيت عبارة عن قاعة وجدار وسقف وباب، فمن له البيت فله أركانه. ولا خلاف أن العلول إلى السماء. واختلفوا في السفل ؛ فمنهم من قال هو له، ومنهم من قال ليس له في باطن الأرض شيء. وفي مذهبنا القولان.
وقد بين حديث الإسرائيلي الصحيح فيما تقدم : أن رجلا باع من رجل دارا فبناها فوجد فيها جرة من ذهب، فجاء بها إلى البائع فقال : إنما اشتريت الدار دون الجرة، وقال البائع : إنما بعت الدار بما فيها ؛ وكلهم تدافعها فقضى بينهم النبي ﷺ أن يزوج أحدهما ولده من بنت


الصفحة التالية
Icon