قوله تعالى :﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ وقرأ ابن عباس وعكرمة ﴿ومن يعش﴾ بفتح الشين، ومعناه يعمى ؛ يقال منه عشي يعشى عشا إذا عمي. ورجل أعشى وامرأة عشواء إذا كان لا يبصر ؛ ومنه قول الأعشى :
رأت رجلا غائب الوافدَيـ | ـن مختلفَ الخلق أعشى ضريرا |
وقوله :أن رأت رجلا أعشى أضر به | ريب المنون ودهر مفند خَبِلُ |
الباقون بالضم ؛ من عشا يعشو إذا لحقه ما لحق الأعشى. وقال الخليل : العشو هو النظر ببصر ضعيف ؛ وأنشد :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره | تجد خير نار عندها خير موقد |
وقال آخر :لنعم الفتى يعشو إلى ضوء ناره | إذا الريح هبت والمكان جديب |
الجوهري : والعشا (مقصور) مصدر الأعشى وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار. والمرأة عشواء، وامرأتان عشواوان. وأعشاه الله فعشي (بالكسر) يعشى عشي، وهما يعشيان، ولم يقولوا يعشوان ؛ لأن الواو لما صارت في الواحد ياء لكسرة ما قبلها تركت في التثنية على حالها. وتعاشى إذا أرى من نفسه أنه أعشى. والنسبة إلى أعشى أعشوي. وإلى العشية عشوى. والعشواء : الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شيء. وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة. وفلان خابط خبط عشواء.
وهذه الآية تتصل بقول أول السورة :
﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً﴾ [الزخرف : ٥] أي نواصل لكم الذكر ؛ فمن يعش عن ذلك الذكر بالإعراض عنه إلى أقاويل المضلين وأباطيلهم
﴿نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً﴾ أي نسبب له شيطانا جزاء له على كفره
﴿ فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ قيل في الدنيا، يمنعه يمنعه من الحلال، ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة، ويأمره بالمعصية ؛ وهو معنى قول ابن عباس.