الغفاري قوله تعالى :﴿ أَنْ لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ إلى قوله :﴿فبأي آلاء ربك تتمارى﴾ [النجم : ٥٥] في صحف إبراهيم وموسى، وقد مضى في آخر "الأنعام" القول في ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام : ١٦٤] مستوفى.
قوله تعالى :﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ روي عن ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور : ٢١] فيحصل الولد الطفل يوم القيامة في ميزان أبيه، ويشفع الله تعالى الآباء في الأبناء والأبناء في الآباء ؛ يدل على ذلك قوله تعالى :﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً﴾ [النساء : ١١]. وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة ولا ينفع أحدا عمل أحد، وأجمعوا أن لا يصلي أحد عن أحد. ولم يجز مالك الصيام والحج والصدقة عن الميت، إلا أنه قال : إن أوصى بالحج ومات جاز أن يحج عنه. وأجاز الشافعي وغيره الحج التطوع عن الميت. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها اعتكفت عن أخيها عبدالرحمن وأعتقت عنه. وروى أن سعد بن عبادة قال للنبي ﷺ : إن أمي توفيت أفأتصدق عنها ؟ قال :"نعم" قال : فأي الصدقة أفضل ؟ قال :"سقي الماء". وقد مضى جميع هذا مستوفى في "البقرة" و"آل عمران" و"الأعراف". وقد قيل : إن الله عز وجل إنما قال :﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ ولام الخفض معناها في العربية الملك والإيجاب فلم يجب للإنسان إلا ما سعى، فإذا تصدق عنه غيره فليس يجب له شيء إلا أن الله عز وجل يتفضل عليه بما لا يجب له، كما يتفضل على الأطفال بادخالهم الجنة بغير عمل. وقال الربيع بن أنس :﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ يعني الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره.
قلت : وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول، وأن المؤمن يصل إلى ثواب العمل الصالح من غيره، وقد تقدم كثير منها لمن تأملها، وليس في الصدقة اختلاف، كما في صدر


الصفحة التالية
Icon