أضحك الله أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار. وقيل : أضحك من شاء في الدنيا بأن سره وأبكى من شاء بأن غمه. الضحاك : أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر. وقيل : أضحك الأشجار بالنوار، وأبكى السحاب بالأمطار. وقال ذو النون : أضحك قلوب المؤمنين والعارفين بشمس معرفته، وأبكى قلوب الكافرين والعاصين بظلمة نكرته ومعصيته. وقال سهل بن عبدالله : أضحك الله المطيعين بالرحمة وأبكى العاصين بالسخط. وقال محمد بن علي الترمذي : أضحك المؤمن في الآخرة وأبكاه في الدنيا. وقال بسام بن عبدالله : أضحك الله أسنانهم وأبكى قلوبهم. وأنشد :
السن تضحك والأحشاء تحترق | وإنما ضحكها زور ومختلق |
يارب باك بعين لا دموع لها | ورب ضاحك سن ما به رمق |
وقيل : إن الله تعالىخص الإنسان بالضحك والبكاء من بين سائر الحيوان، وليس في سائر الحيوان من يضحك ويبكي غير الإنسان. وقد قيل : إن القرد وحده يضحك ولا يبكي، وإن الإبل وحدها تبكي ولا تضحك. وقال يوسف بن الحسين : سئل طاهر المقدسي أتضحك الملائكة ؟ فقال : ما ضحكوا ولا كل من دون العرش منذ خلقت جهنم.
﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ أي قضى أسباب الموت والحياة. وقيل : خلق الموت والحياة كما قال :
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ [الملك : ٢] قاله ابن بحر. وقيل : أمات الكافر بالكفر وأحيا المؤمن بالإيمان ؛ قال الله تعالى :
﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام : ١٢٢] الآية. وقال :
﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ على ما تقدم، وإليه يرجع قول عطاء : أمات بعدله وأحيا بفضله. وقول من قال : أمات بالمنع والبخل وأحيا بالجود والبذل. وقيل : أمات النطفة وأحيا النسمة. وقيل : أمات الآباء وأحيا الأبناء. وقيل : يريد بالحياة الخصب وبالموت الجدب. وقيل : أنام وأيقظ. وقيل : أمات في الدنيا وأحيا للبعث.
﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ أي من أولاد آدم ولم يرد آدم وحواء بأنهما خلقا من نطفة.