لفقد سهيل حتى غمصت عيناها فسميت غميصاء لأنها أخفى من الأخرى.
قوله تعالى :﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى﴾ سماها الأولى لأنهم كانوا من قبل ثمود. وقيل : إن ثمود من قبل عاد. وقال ابن زيد : قيل لها عاد الأولى لأنها أول أمة أهلكت بعد نوح عليه السلام. وقال ابن إسحاق : هما عادان فالأولى أهلكت بالريح الصرصر، ثم كانت الأخرى فأهلكت بالصيحة. وقيل : عاد الأولى هو عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، وعاد الثانية من ولد عاد الأولى ؛ والمعنى متقارب. وقيل : إن عاد الآخرة الجبارون وهم قوم هود. وقراءة العامة ﴿عَاداً الأُولَى﴾ ببيان التنوين والهمز. وقرأ نافع وابن محيصن وأبو عمرو ﴿عَاداً الأُولَى﴾ بنقل حركة الهمزة إلى اللام وإدغام التنوين فيها، إلا أن قالون والسوسي يظهران الهمزة الساكنة. وقلبها الباقون واوا على أصلها ؛ والعرب تقلب هذا القلب فتقول : قم الان عنا وضمَّ لِثنين أي قم الآن وضم الاثنين. ﴿وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى﴾ ثمود هم قوم صالح أهلكوا بالصيحة. قرئ ﴿ثَمُوداً﴾ و﴿ثَمُودَ﴾ [التوبة : ٧٠] وقد تقدم. وانتصب على العطف على عاد. ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ﴾ أي وأهلك قوم نوج من قبل عاد وثمود ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾ وذلك لطول مدة نوح فيهم، حتى كان الرجل فيهم يأخذ بيد ابنه فينطلق إلى نوح عليه السلام فيقول : احذر هذا فإنه كذاب، وإن أبي قد مشى بي إلى هذا وقال لي مثل ما قلت لك ؛ فيموت الكبير على الكفر، ومنشأ الصغير على وصية أبيه. وقيل : إن الكناية ترجع لى كل من ذكر من عاد وثمود وقوم نوح ؛ أي كانوا أكفر من مشركي العرب وأطغى. فيكون فيه تسلية وتعزية للنبي ﷺ ؛ فكأنه يقول له : فاصبر أنت أيضا فالعاقبة الحميدة لك. ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾ يعني مدائن قوم لوط عليه السلام ائتفكت بهم، أي انقلبت وصار عاليها سافلها. يقال : أفكته أي قلبته وصرفته.﴿أَهْوَى﴾ أي خسف بهم بعد رفعها إلى السماء ؛ رفعها جبريل ثم أهوى بها إلى الأرض. وقال المبرد : جعلها تهوي. ويقال : هوى بالفتح يهوي هويا أي سقط