قوله تعالى :﴿أَزِفَتِ الآزِفَةُ﴾ أي قربت الساعة ودنت القيامة. وسماها آزفة لقرب قيامها عنده ؛ كما قال :﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾ [المعارج : ٦ - ٧]. وقيل : سماها آزفة لدنوها من الناس وقربها منهم ليستعدوا لها ؛ لأن كل ما هو آت قريب. قال :
أزف الترحل غير أن ركابنا | لما تزل برحالنا وكأن قد |
وفي الصحاح : أزف الترحل يأزف أزفا أي دنا وأفد ؛ ومنه قوله تعالى :
﴿أَزِفَتِ الآزِفَةُ﴾ يعني القيامة، وأزف الرجل أي عجل فهو آزف على فاعل، والمتآزف القصير وهو المتداني. قال أبو زيد : قلت لأعرابي ما المحبنطئ ؟ قال : المتكأكئ. قلت : ما المتكأكئ ؟ قال : المتآزف. قلت : ما المتآزف ؟ قال : أنت أحمق وتركني ومر.
﴿ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾ أي ليس لها من دون الله من يؤخرها أو يقدمها. وقيل : كاشفة أي أنكشاف أي لا يكشف عنها ولا يبديها إلا الله ؛ فالكاشفة آسم بمعنى المصدر والهاء فيه كالهاء في العاقبة والعافية والداهية والباقية ؛ كقولهم : ما لفلان من باقية أي من بقاء. وقيل : أي لا أحد يرد ذلك ؛ أي إن القيامة إذا قامت لا يكشفها أحد من آلهتهم ولا ينجيهم غير الله تعالى. وقد سميت القيامة غاشية، فإذا كانت غاشية كان ردها كشفا، فالكاشفة علي هذا نعت مؤنث محذوف ؛ أي نقس كاشفة أو فرقة كاشفة أو حال كاشفة. وقيل : إن
﴿كَاشِفَةٌ﴾ بمعنى كاشف والهاء للمبالغة مثل راوية وداهية.
قوله تعالى :
﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ﴾ يعني القرآن. وهذا استفهام توبيخ
﴿تَعْجَبُونَ﴾ تكذيبا به
﴿وَتَضْحَكُونَ﴾ استهزاء
﴿وَلا تَبْكُونَ﴾ انزجارا وخوفا من الوعيد. وروي أن النبي ﷺ ما رئي بعد نزول هذه الآية ضاحكا إلا تبسما. وقال أبو هريرة : لما نزلت
﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾ قال أهل الصفة :
﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ ثم بكوا حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع النبي ﷺ بكاءهم بكى معهم فبكينا لبكائه ؛ فقال النبي ﷺ :"لا يلج النار من بكى من