التقديم والتأخير، وتقديره انشق القمر واقتربت الساعة ؛ قاله ابن كيسان. وقد مر عن الفراء أن الفعلين إذا كانا متقاربي المعنى فلك أن تقدم وتؤخر عند قوله تعالى :﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ [النجم : ٨].
قوله تعالى :﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا﴾ هذا يدل على أنهم رأوا انشقاق القمر. قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله ﷺ، وقالوا : إن كنت صادقا فاشقق لنا القمر فرقتين، نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان ؛ فقال لهم رسول الله ﷺ :"إن فعلت تؤمنون" قالوا : نعم ؟ وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله ﷺ ربه أن يعطيه ما قالوا ؛ فانشق القمر فرقتين، ورسول الله ﷺ ينادي المشركين :"يا فلان يا فلان اشهدوا". وفي حديث ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ، فقالت قريش : هذا من سحر بن أبي كبشة ؛ سحركم فاسألوا السفار ؛ فسألوهم فقالوا : قد رأينا القمر انشق فنزلت :﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا﴾ أي إن يروا آية تدل على صدق محمد ﷺ أعرضوا عن الإيمان ﴿وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ أي ذاهب ؛ من قولهم : مر الشيء واستمر إذا ذهب ؛ قال أنس وقتادة ومجاهد والفراء والكسائي وأبو عبيدة، واختاره النحاس. وقال أبو العالية والضحاك : محكم قوي شديد، وهو من المرة وهي القوة ؛ كما قال لقيط :
حتى استمرت على شزر مريرته | مر العزيمة لا قحما ولا ضرعا |
وليس على شيء قويم بمستمر