كذلك فينزلون فيكونون صفا من خلف ذلك الصف، ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة، فينزل الملك الأعلى في بهائه وملكه ومجنبته اليسرى جهنم، فيسمعون زفيرها وشهيقها، فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا صفوفا من الملائكة، فذلك قوله تعالى :﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾ والسلطان العذر. وقال الضحاك أيضا : بينما الناس في أسواقهم انفتحت السماء، ونزلت الملائكة، فتهرب الجن والإنس، فتحدق بهم الملائكة، فذلك قوله تعالى :﴿لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾ ذكره النحاس. قلت. فعلى هذا يكون في الدنيا، وعلى ما ذكر ابن المبارك يكون في الآخرة. وعن الضحاك أيضا : إن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا. وقال ابن عباس : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات وما في الأرض فأعلموه، ولن تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله تعالى. وعنه أيضا أن معنى :﴿لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ﴾ لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم. قتادة : لا تنفذون إلا بملك وليس لكم ملك. وقيل : لا تنفذون إلا إلى سلطان، الباء بمعنى إلى، كقوله تعالى :﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي﴾ أي إلى. قال الشاعر :

أسيئي بنا أو أحسني لا ملولة لدينا ولا مقلية إن تقلت
وقوله :﴿فَانْفُذُوا﴾ أمر تعجيز.
قوله تعالى :﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ﴾ أي لو خرجتم أرسل عليكم شواظ من نار، وأخذكم العذاب المانع من النفوذ. وقيل : ليس هذا متعلقا بالنفوذ بل أخبر أنه يعاقب العصاة عذابا بالنار. وقيل : أي بآلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس عقوبة على ذلك التكذيب. وقيل : يحاط على الخلائق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ﴾، فتلك النار قوله :﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾


الصفحة التالية
Icon